صفحة رقم ٣١٧
إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما أوعز سبحانه في امر الجهاد، وأزاح جميع عللهم وبين أن حسنه لا يختص به شهر دون شهر وأن بعضهم كان يحل لهم ويحرم فيتبعونه بما يؤدي إلى تحريم الشهر الحلال وتحليل الشهر الحرام بالقتال فيه، عاتبهم الله سبحانه على تخلفهم عن رسول الله ( ﷺ ) الآمر لهم بالنفر في غزوة تبوك عن امره سبحانه، وكان ابتداؤها في شهر جب سنة تسع، فقال تعالى على سبيل الاستعطاف والتذكير بنعمة الإيمان بعد ختم التي قبلها بأنه لا يهدي الكافرين - الذي يعم الحرب وغيره الموجب للجرأة عليهم [ لأن لا هداية له أعمى، والأعمى لا يخشى ] :( يايها الذين آمنوا ) أي ادعوا ذلك ) ما لكم ( اي ما الذي يحصل لكم في أنكم ) إذا قيل لكم ) أي من أيّ قائل كان ) انظروا ) أي اخرجوا مسرعين بجد ونشاط جماعات ووحداناً إمداداً لحزب الله ونصراً لدينه تصديقاً لدعواكم الإيمان، والنفر : مفارقة مكان إلى مكان لأمر هاج على ذلك ) في سبيل الله ) أي بسبب تسهيل الطريق إلى الملك الذي له جميع صفات الكمال، وقال أبو حيان ( بني ) قيل ( للنفعول والقائل النبي ( ﷺ ) ولم يذكر إغلاظاً ومخاشنة لهم وصوناً لذكره إذ اخلد غلى الهوينا والدعة من أخلد وخالف أمره - انتهى.
) اثاقلتم ) أي تثاقلتم تثاقلاً عظيماً، وفيه ما لم يذكروا له سبباً ظاهراً بما اشار إليه الإدغام إخلاداً وميلاً ) إلى الأرض ) أي لبرد ظلالها وطيب هوائها ونضج ثمارها، فكنتم أرضيين في سفول الهمم، لا سائيين بطهارة الشيم.
ولما لم يكن - في الأسباب التي تقدم انها كانت تحمل على التباطؤ عن الجهاد - ما يحتمل القيامبهم في هذه الغزوة إلا الخوف من القتل والميل إلى الأموال الحاضرة وثوقاً بها والإعراض عن الغنى الموعود به الذي ربما يلزم على ذلك - ولا بد - من الزهد في الأجر المثمر لسعادة العقبى بهذا الشيء الخسيس ؛ قال مبيناً خسة ما اخلدوا إليه تزهيداً فيه