صفحة رقم ٣٢٩
وذلك لا يقتضي اتصاف أحد منهم بالخبال قبل خروج المنافقين، والخبال : الفساد، وهو ينظر على الخداع والأخد على غزوة ) ولأوضعوا ) أي اوقعوا الإيضاع، حذف المفعول إشارة إلى أن مرادهم الأيضاع نفسه لا بقيد دابة، وعبر بالإيضاع لأنه للراكب وهو اسرع من الماشي ) خلالكم ) أي لأسرعوا في السير ذهاباً وإياباً بينكم في تتبع عوراتكم وانتظار زلاتكم ليجدوا منها مدخلاً إلى الفساد بالنميمة وغيرها إن لم يجدوها، والإيضاع في السير يكون برفق ويكون بإسراع، والمراد به هنا الإسراع، ومادة وضع بجميع تراكيبها تدور على الحركة، وتارة تكون إلى علو وتارة إلى سفول، ويلزم ذلك السكونُ والمحلُ القابل لذلك، وعلى ذلك يتمشى العضو والعوض، وعَوض الذي هو بمعنى الدهر، وضوع الريح والتصويت بالبكاء، والضعة لشجرة في البادية، والوضع للطرح في مكان والسير اللين والسريع ؛ والخلال جمع الخلل وهو الفرجة ) يبغونكم ) أي حال كونهم يريدون لكم ) الفتنة ) أي بتشتيت الشمل وتفريق الأصحاب وتقدم عند ) ) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ( ) [ الأنفال : ٣٩ ] أنها الخلطة المميلة المحلية، أي يريدون لكم الشيء الذي يصيبكم فغي حالتكم إلى ما يسوءكم فيسرهم ) وفيكم ) أي والحال أنه فيكم ) سامعون لهم ) أي في غاية القبول لكلامهم لضعف معارفهم وآرائهم.
وربما كان سماعهم منهم مؤدياً إلى مطلوبهم ) والله ) أي الذي أخبركم بهذا من حالهم وله الإحاطة بكل شيء ) عليم ( بهم، فثقوا بأخبارهم.
هكذا كان الأصل وإنما قال :( بالظالمين ( إشارة إلى الوصف الذي اوجب لهم الشقاء بمنعهم عن موطن الخير، وتعميماً للحكم بالعلم بهم وبمن سمع لهم ظالم، والحاصل انه شبه سعيهم فيهم بالفساد بمن يوضع بعيره في أرض فيها أجرام شاخصة متقاربة، فهو في غاية الالتفات إلى معرفة ما فيها من الفرج والتأمل لذلك حذراً من أن يصيبه شيء من تلك الأجرام فيسقيه كأس الحمام، فلا شغل لهم إلا بغية فسادكم بعدم وصولكم إلى شيء من مرادكم.
التوبة :( ٤٨ - ٥١ ) لقد ابتغوا الفتنة.....
) لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَآءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ( ( )


الصفحة التالية
Icon