صفحة رقم ٣٣٨
الباقين ويستوي بين الصناف لا بين آحاد الصنف.
وقال أبو حنيفة : يجوز صرف الكل لواحد من الأصناف لأن الآية اوجبت ان ل تخرج الصدقة عنهم، لا ان تكون في جميع الأصناف - وهو قول عمر بن الخطاي وحذيفة وابن علباس رضي الله عنهم وسعيد بن جبير وعطاء وأبي العالية وميمون بن مهران.
ولما بين الصنفين السالفين، وختم امرهما بصفتي العلم والحكمة، أتبعهما بصنف آخر يؤذي بما يجعله نقصاً في صفات الرسول ( ﷺ ) فليزم الطعن في علم مرسله وحكمته فقال :( ومنهم الذين يؤذون النبي ) أي الذي أعلى الله مقداره، فهو ينبئه بما يريد سبحانه من خفايا الأسرار ؛ ولما أخبر بمطلق الأذى الشامل للقول والفعل، عطف عليه قوله :( ويقولون هو ) أي من فرط سماعه لما يقال له ) أذن ( ومرادهم أنه يصدق كل ما يسمع ويقبل قول كل أحد - كما سمي الجاسوس عيناً ؛ قال أبو حيان : كان خذام بن خالد وعبيد بن هلال والجلاس بن سويد في آخرين يؤذون رسول الله ( ﷺ ) فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف ان يبلغه فيوقع بنا، فقال الجلاس : بل نقول ما شئنا فإن محمداً اذن سامعة، ثم نأتيه فيصدقنا، فنزلت، وقيل غير ذلك.
رجل أذن - أذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع - انتهى. ومرادهم انه ( ﷺ ) لا يعرف مكر من يمكر به وخداع من يخادعه وكذبوا، وهو اعرف الناس بذلك، ولكنه يعرض عند المصالح، لا يليق بمحاسن الدين يأتونه بمحاسن الدين غيرها، بينها تعالى بقوله :( قل أذن خير ( ثم بين ان نفع ذلك عائد إليهم بقوله :( لكم ( ثم فسر ذلك بقوله :( يؤمن ( اي يوقع الإيمان للملائكة الذين يأتونه عن الله من التكذيب بأن يصدقهم معترفاً ) بالله ) أي بسبب ما يخبرونه عنه به حق الإيمان لما له من كمال العلم بما له سبحانه من صفات الجلال والإكرام ؛ وحاصله ان فعل افيمان ضمن فعل التصديق ثم حذف وانتزعت منه حال أقيمت مقامه ثم حذفت واتى بصلة تدل عليها كما قالوا في قوله تعالى
٧٧ ( ) ولتكبوا الله على ما هداكم ( ) ٧
[ البقرة : ١٨٥ ] أن التقدير : حامدين على ما هداكم، فالتقدير هنا : يؤمن مصدقاً بالله، فهدذا حقيقته وهويثمر محبة المؤمنين وولايتهم، ولذا اتبعه قةله :( ويؤمن للمؤمنين ) أي الراسخين، يوقع الإيمان لهم من التكذيب بأن يصدقهم في كل ما يخبرونه به مما يحتمل التصديق، وذلك لأجل مصالحهم والتأليف بينهم مع ما ثبت من صدقهم، فإنه لو حملهم على عقله ومبلغ علمه يحبه الكاذب وعاقب الخائن بمجرد علمه وتفرسه، لقصرت عن ذلك غالب الأفهام وتاهت بسببه اكثر الأوهام، فنفرت القلوب ووقع من الأغلب الاتهام.
ولما كان التصديق بوجود الإله على ما له من صفات الكمال المقتضي للأمر والنهي عدي بالباء، وهنا كان التصديق إنما هو للإخبار بأي