صفحة رقم ٣٤٢
هذا الجزاء بقوله :( ذلك ) أي الأمر العبيد الوصف العظيم الشأن ) الخزي العظيم ( ولما علل فعل المسنهينين، اتبعه تعليل أمر صنف آخر أخف منهم نفاقاً بما عندهم مما يقارب التصديق فقال :( يحذر المنافقون ( وعبر بالوصف الدال على الرسوخ تحذيراً لهم من أدنى النفاق فإنه يجر إلى اعلاه ) أن تنزل ( ولما كانت السورة الفاضحة لهم داهية ونائبة من نوائب الدهر وشدائده، عدى الفعل بعلى فقال :( عليهم سورة ) أي قطعة من القرآن شديدة الانتظام ) تنبئهم ) أي تخبرهم إخبار عظيماً مستقصي ) بما في قلوبهم ( لم يظهروا عليه أحداً من غيرهم أو أحداً مطلقاً، لعل هذا الصنف كانوا يسلفون الأيمان لعلها تشكك بعض الناس أو تخفف عنهم إذا نزل ما يهتكهم، روي أنهم كانوا يقولون ما يؤدي ويدل على النفاق ويقولون : عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا، وقال بعضهم بعد كلام قالوه : والله إني لأرانا شر خلق الله ولوددت أني قدمت فجلدت مائة جلدة وأنه لا ينزل فينا شيء يفضحنا.
ولما كان حذرهم مع العمل ينافه من كلام النفاق فعل المستهزئ، قال مهدداً :( قل استهزءوا ) أي افعلوا فعل المستهزئ بغاية الرغية ) إن الله ) أي المحيط بكمال العلم وتمام القدرة ) مخرج ( اي كانت له وصف إخراجه ) ما تحدون ( اي إخراجه من قبائحكم ؛ وعن الحسن : كان المسلمون يسمون هذه السورة الحفارة، حفرت ما في قلوب المنافقين وأظهرته.
ولما وصفهم بالنفاق، حققه بعدم مبادرتهم إلى التوبة التي هي فعل المؤمنين، وباجترائهم على الإنكار مع كون السائل لهم منْ بلغ الغاية في الجلال والوقار والكمال فقال :( ولئن سألتهم ) أي وأنت من يجب أن يصدفه مسؤوله عماعما أخرجت السورة مما أظهروا بينهم من الكفر، وذلك حين قال بعضهم : انظروا إلى هذا ارجل يظن انه يفتح قصور الشام وحصونها هيهات فأعلمه الله فقال : احسبوا عليّ الركب فسألهم ) ليقولن إنما ) أي ما قلنا شيئاً من ذلك، إنما ) كنا نخوض ) أي نتحدث على غير نظام ) ونلعب ) أي بما لا خرج علينا فيه ويحمل عنا ثقل الطريق، فكأنه قيل : فماذا يقال لهم إذا حلفوا على ذلك على العادة ؟ فقال :( قل ( اي لهم تقريراً على استهزائهم متوعداً لهم معرضاً عما اعتذروا إعلاماً بانه غير أهل لأن يسمع جاعلاً لهم كأنهم معترفونبالاستهزاء حيث جعل المستهزأ به يلي حرف التقرير، وذلك إنما يستقيم