صفحة رقم ٣٥٣
على مثل حالهم، وسلطت عليهم عقوبات مثل عقوباتهم، وتمادى ذلك فيهم منذ تبدلت الخلافة ملكاً إلى أن تضع الحرب اوزارها وتصير الملل كلها ملة واحدة ويرجع الافتراق إلى ألفة التوحيد، فكل من اقتطع واقتصر من هذه الشريعة المحمدية الجامعة للظاهر والباطن حظاً مختصاً من ظاهر أو باطن ولم يجمع بينهما في علمه وحاله وعرفانه فهو بما لزم الظاهر الشرعي دون حقيقة باطنه من يهود هذه الأمة كالمقيمين لظاهر الأحوال الظاهر التي بها تستمر الدنيا على حسب مايرضى ملوك الوقت وسلاطينهم، المضيعين لأعمال السرائر، المنكرين لأحوال أهل الحقائق الشاهد عليهم تعلق خوفهم ورجائهم بأهل الدنيا، المؤثرين لعرض هذا الأدنى، فبهذا ظهرت أحوال اليهود في هذه الأمة، مر الأعراب مع النبي ( ﷺ ) بسدره خضراء نضرة، وكان لأهل الجاهلية سدره يعظمونها ويجتمعون عندها وينيطون بها أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقالوا : يا سول الله اجعل لنا هذه السدرة ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال ( ﷺ ) :( قلتموها ورب الكعبة كما قالت بنو إسرائيل : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة إنها السنن ).
فحيث ظهرت أحداث اليهود من البغي والحسد وتعظيم ما ظهر تعظيمه من حيث الدنيا واستحقار ضعفاء المؤمنين فهنالك أعلام اليهودية ظاهرة، وكذلك ايضاً من اقتصر من هذه الشريعة الجامعة وتعاضد الإسلام واكتفى بما استبطن وتهاون بما استظفر فهو من نصارى هذه الأمة، ليس بصاحب فرقان فكيف ان يكون صاحب قرآن، ذلك أن هذا الدين الجامع إنما يقوم بمعالم إسلام ظاهرة وشعار إيمان في القوب وأحوال نفس باطنه وحقائق إحسان شهودية، لا يشهد المحسن مع الله سواه ولا يؤمن المؤمن مع الله بغيره، ولا يخضع المسلم إلى شيء دونه، فبذلك يتم، وقد التزم بمعالم الإسلام طوائف يسمون المتفقهة، والتزم بشعائر الإيمان طوائف يسمون الأصوليين والمتكلميين، وترامى إلى الإحسان طوائف يسمون المتصوفه، فمتى كان المتفقه منكراً لصدق أحوال الصوفية لما لعله يراه من خلل في أحوال المتصوفه، فمتى كان المتفقه منكراً لصدق أحوال الصوفية لما لعله يراه من خلل في أحوال المتصوفة فقد تسنن بسنن اليهودية، ومتى كان المتصوف غير مجل للفقهاء لما لعله يراه من خلل في أحوال المتفقه فقد تسنن بسنن النصارى، وكذلك حال المتكلم بين الفرقتين لأيهما مال، وإنما أئمة الدين الذين جمع الله لهم