صفحة رقم ٣٥٤
إقامة معالم الإسلام وإيمان أهل الإيمان وشهود أهل الإحسان، تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله فتألم بهم الصوفية، وتظهر انوار قلوبهم على ظلم المتشابهات فيأتم بهم أهل الإيمان، وتبدو في أعمالهم معالم الإسلام تامة فيأتم بهم أهل الإسلام
٧٧ ( ) عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ( ) ٧
[ الفرقان : ٦٣ ] ( أفضل الناس مؤمن في خلق حسن وشر الناس كافر في خلق سيء ) فأولو الفرقان جامعون ومستبصرون فمن اقتصر على ظاهر وأنكر باطناً لزمته مذام اليهود فيما أنزل من القرآن فيهم بحسب توغله واقتصاره، ومن اقتصر على باطن دون ظاهر لزمته مذام النصارى فيما أنزل من القرآن فيهم ؛ يذكر أن رجلاً من صلحاء المسلمين دخل كنيسة فقال لراهبفيها : دلني على موضع طاهر اصلي فيه، فقال الراهب : طهر قلبك مما سواه وقم حيث شئت، قال ذلك الصالح المسلم : فخجلت منه، فالعلم ان كل واحد من هذين الحالين ليس حال صاحب فرقان ولا حال صاحب قرآن لأن صاحب القرآن لا يخجل لهذا القول لأنه حاله، وقلبه مطهر مما سوى الله، ومع ذلك لابد أن ينظف ظاهره، لأن الله سبحانه كما أنه الباطن فيجب صفاء باطن اجاب ولم يتعلثم وغذا دعي إلى صلاح ظاهر اجاب ولم يتلكأ لقيامه بالفرقان وحق القرآن، يذكر أم ملكاً رحمه الله دخل المسجد بعد العصر وهو ممن لا يرى اركوع ولم يحاجه بما يراه مذهباً، فقيل له في ذلك فقال : خشيت أن أكون من
٧٧ ( ) الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( ) ٧
[ المرسلات : ٤٨ ] ووقف النبي ( ﷺ ) على سقاية زمزم وقد خاضوا فيه بأيديهم، فأهوى النبي ( ﷺ ) يشرب من شرابهم، فقال له العباس رضي الله عنه : يارسول الله ألا نسقينك من شراب لنا في اسقية ؟ فقال ( ﷺ ) :( أشرب من هذه ألتمس بركة أيدي المسلمين ) فشرب منه ( ﷺ ) فصاحب القرآن يعبد الله تعالى بقلبه وجسمه لا يقتصر على ظاهر دون باطن، ولا على باطن دون ظاهر، ولا على أول دون آخر ولا على آخر دون اول ؛ قال ( ﷺ ) ( أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أو آخره ) فمن حق القارئ ان يعتبر القرآن نفسه ويلحظ