صفحة رقم ٣٥٥
مواضع مذامه للفرق ويزن به أحوال نفسه من هذه الأديان الستة في هذه الأمة، وأما وجه وقوع النفاق وأحوال المنافقين فهي داهية القراء وآفة الخليفة ؛ قال ( ﷺ ) ( أكثر منافقي أمتى قراؤها ) وقال بعض كبار التابعين : أدركت سبعين ممن رأى النبي ( ﷺ ) كلهم يخاف النفاق على نفسه.
وأصل مداخله على الخلق من إيثار حرمة الخلق على حرمة الحق جهلاً بالله عز وجل واغتراراً بالناي، فليزم لذلك محاسنة أولى البر والصدق ظاهراً وتكرههم بقلبه باطناً، ويتبع ذلك من الذبذبة بين الحالين ما وصف الله تعالى من احوالهم وما بينه النبي ( ﷺ ) من علاماتهم حتى قال ( ﷺ ) :( بيننا وبين المنافقين شهود العتمة والصبح لا يستطيعونهما ) وكما قال تبارك وتعالى ) لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ( ينظر المنافق غلى ما يستسقط يه فضائل أهل الفضل ويتعامى عن محاسنهم، كما روي أن الله يبغض التارك لحسنه المؤمن الآخذ لسيئته، والمؤمن فيما بقي إلا وإلى جنبه منافق يكره عمله، وعن ذلك المنافق غماز لماز بخيل جبان مرتاع، مستثقل في مجامع الخير أجنبي منها، مستخف في مواطن الشر متقدم فيها، طلق اللسان بالغيبة والبهتان، ثقيل اللسان عن مداومة ذكر الله تبارك وتعالى، عم عن ذكر الله عز وجل في كل حال، ناظر إلى الناس بكل وجه، وهو مع ذلك يصانعهم ولا يصادقهم، يأخذ م الدين ما ينفعه في الدنيا ولا يأخذ ما ينفع في العقبى، ويجتنب في الدين ما يضر في الدنيا ولا يجتنب ما يضر، في في العقبى مما لا يضر في الدنيا، فهذا وجه من وقوع شياع النفاق في هذه الأمة، فلذلك من حق القارئ ان يستشعر مواقع آي القرآن من نفسه في ذات قلبه وفي أحوال نفسه وأعمال بدنه وفي سره مع ربه وفي علانبيته مع خلقه، فإنه بذلك يجد القرآن كله منطبقاً عليه خاصاً به حتى كأن جميعه لم


الصفحة التالية
Icon