صفحة رقم ٣٦١
وحذروا من عذاب الباقين بسبب إجرامهم لأنهم يأمرون بالمنكر وما يلائمه مقتفين ىثار من قبلهم في الانهماك في الشهوات غير مقلعين خوفاً من الله أن يصيبهم بمثل ما اصابهم ولا رجاء له أن ينيلهم مما أعد للمؤمنين مجترئين على الإيمان الباطلة بأعظم الحلف على أيّ شيء فرض سواء كان يستحق اليمين أو لا غير خائفين من الله أن يتهكم كما هتك غيرهم ممن فعل مثل أفعالهم ؛ ثم دل على عظيم إجرامهم وما تضمنه قوله ) المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ( - الآية، من كبائر آثامهم، ويجوز ان تكون هذه الاية واقعة موقع التعليل للآية التي قبلها بأنهم يقدمون على ما يستحقون به الجهاد والغلطة والنار من الحلف كذباً على نفي كل ما ينقل عنهم استخفافاً به وبأسمائه
٧٧ ( ) اتخذوا إيمانهم جنة ( ) ٧
[ المجادلة : ٦ ] فتكون جواباً لمن كأنه قال : أما جهاد الكفار فالأمر فيه واضح، وأما المنافقون فكيف يجحاهدون وهم يتكلون بلفظ الإيمان ويظهرون أفعال اهل الإسلام فقال : لأنهم يحلفون ) ولقد ) أي والحال أنهم كاذبون لقد ) قالوا كلمة الكفر ) أي الذي لا أكبر في الكفر منه، وهي تكذيب النبي ( ﷺ ) ولما كان هذا السيافق لصنف يجددون الاستخفاف بالله تعالى - بما دل عليه الكمضارع كل وقت، دل على أن إقرارهم بالإيمان كذب وأفعالهم صور لا حقائق لها، فعبر بالإسلام فقال :( وكفروا ) أي اظهروا الكفر ) بعد إسلامهم ) أي بما ظهر من أفعالهم وأقوالهم، وذلك غاية الفجور ؛ ولما كان أعلى شغف الإنسان بشيء ان تحدثه نفسه فيه بما لا يصل إليه، فيكون ذلك ضرباً من الهرس قال :( وهموا بما لم ينالوا ( اي من قتل الرسول ( ﷺ ) أو إخراجه من المدينة، فجمعوا بين أنواع الكفر القول والفعل والاعتقاد، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في ) مأوهم ( والتقدير على هذا : يدخلون جهنم حالفين بالله : ما قالوا كلمة الكفر، ولقد قالوها، فيكون كقوله
٧٧ ( ) ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ( ) ٧
[ الأنعام : ٢٣ ] ولما بين من أحوالهم التي لا يحمل علىفعلها إلا أمر عظيم، قال :( وما ) أي قالوا وفعلوا والحال انهم ما ) نقموا ) أي كرهوا شيئاً من الأشياء التي أتتهم من الله ) إلا أن أغناهم الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال وهو غني عن العالمين ) ورسوله ) أي الذي هو أحق الخلق بأن يجوز عظمة الإضافة إليه سبحانه، وكان أذاهم هذا النبي ( ﷺ ) وهمهم بقتله مع إعطائه لهم ما أغناهم بخلاف الآية السابقة، فكان الأقعد في ذمهم تأخير قوله :( من فضله ( فهو من باب : ولا عيب فيهم ولما نبه على أن هذه المساوئ قابلوا بها المحسن إليهم، رغبهم بانه قابل المتاب


الصفحة التالية
Icon