صفحة رقم ٣٨٥
الموصوف بالمرود، فألحق الضرر فقال :( والذين ( وهو معطوف في قراءة من أثبت الواو على قوله ) وآخرون ( وخبره على ما يليق بالقصة : منافقون ماردون، وأما على قراءة المدنيين وابن عامر بحذفها فيكون على تقدير سؤال سائل، وذلك أنه لما قال تعالى ) لا تعلمهم نحن نعلمهم ( تشوفت النفس إلى الإعلام بهم، فلما قال ) وآخرون اعترفوا بذنوبهم ( اشتغل السامع بتفهمه، ورما ظن أنه يأتي في آخر الكلام من تسميتهم ما يغنيه عن السؤال، فلما إنتقل بقوله ) وىخرون مرجون ( إلى قسم آخر، وختم الآية بصفتي العلم والحكمة ليعلم ان التردد للتقسيم وأنه كان شك فهو بالنسبة إلى العباد وأما الله نعالى فمنزه عنه فذكر السامع بالصفتين ما كان دار في خلده ومال إليه قلبه من الإعلام بالماردين على النفاق، فاشتد تشوفه غليه فكان كأنه قال : منٍْ منَ الماردين منهم ؟ فقال تعالى الذين ) اتخذوا مسجداً ) أي من الماردين وهم من اعظمهم مهارة في النفاق وإخفاء الكيد والشقاق لأنهم توصلوا إلى ذلك بأن كلفوا أنفسهم الأخذ لأعظم عرى الدين مع المنازعة للفطرة الأولى والحذر من أن يفضحوا، فكان ختام هذه الآية من بديع الختام فإن احتراس عما يتوهم فيما قلبه ودليل على ما بعده، ولذلك ختم قصتهم أيضاً بصفتي العلم والحكمة، ولاح من هذا أن قوله ) سنعذبهم مرتين ( يمكن أن يراد به : مرة برجوعك، ومرة بإخرابك مسجدهم وتفريقك لشملهم بعد هتك سرائرهم بكشف ضمائرهم، وبَيَّنَ سبحانه علة اتخاذهم بقوله :( ضراراً ) أي لأهل مسجد قباء أو لحزب الله عامة ) وكفراً ) أي بالله لاتخاذ دينه هزؤاً ) وتفريقاً ( اي ماما يبيتونه من المكايد باستجلابهم لبعض من يخدعونه من المؤمنين ويطعمون فيه ليأتي مسجدهم ويترك المسجد المؤسس على التقوى ) بين المؤمنين ( اي الراسخين في الإيمان بما جاء من عند الله، لأنهم كانوا يجتمعون في مسجد قباء فيغتص بهم ) وإرصاداً ) أي إعداداً وانتظاراً ) لمن حاب الله ( اي الملك الأعظم ) ورسوله ( ولما لم تكن محاربتهم مستغرقة للزمن الماضي، أدخل الجار فقال :( من قبل ) أي قبل اتخاذهم لهذا المسجد بزمن قريب وهو أبو عامر الفاسق ليأتي إليهم فيزيدهم قوة على نفاقهم بأن يصير كهفاً يأوون إليه ورأساً لهم كان من خيار الصحابة، وكان أبو عامر قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح، فلما قدم النبي ( ﷺ ) المدينة قال له : ما هذا الدين الذي جئت به ؟ قال :( الحنيفية دين إبراهيم )، قال : أبو عامر : أنا عليها، قال ( ﷺ ) :( لست عليها )، قال : بلى ولكنك ادخلت فيها ماليس منها، قال : ما فعلت، ولكني جئت بها بيضاء نقية، قال أبو عامر : أمات الله الكاذب من طريداً شريداً وحيداً غريباً فقال ( ﷺ ) :( آمين ) وسماه


الصفحة التالية
Icon