صفحة رقم ٣٨٦
الفاسق، ثم تحيز إلى قريش وقاتل النبي ( ﷺ ) معهم يوم أحد وقال : لا أجد قوماً يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، فلما قاتل يوم حنين مع هوازن وانهزموا أيس وهرب إلى الشام، وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا فإني ذاهب إلى قيصر فآت بجنود ومخرج محمداً وكانوا قد حسدوا إخوانهم بني عمرو بن عوف على مسجد قباء لما بنوه، وكان النبي ( ﷺ ) يأتيه ويصلي فيه، فنبوامسجد الضرار وأرسلوا إليه ( ﷺ ) لياتيهم فيصلي فيه، وكان يتجهز لنتبوك فقال :( انا على جناح سفر وحال شغل، وغذا قدمنا صلينا فيه ان شاء الله ) فلما قدم فكان قريباً من المدينة نزلت الآية، فدعا مالك بن الدخشم وجماعة وقال لهم :( انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه ) ففعلوا، وأمر ( ﷺ ) ان يتخذ مكانه كناسه يلقي فيها الجيف والقمامه ؛ ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً طريداً وقيل : كل مسجد بني مباهاة أو الغرض ليس به إخلاص أو بمال مشتبه فهو لاحق بمسجد الضرار.
ولما أخبر عن سرائرهم، اخبر عن نفاقهم في ظواهرهم بقوله :( وليحلفن ) أي جهد إيمانهم ) إن ) أي ما ) اردنا ( اي باتخاذ ) إلا الحسنى ) أي من الخصال ؛ ثم كذبهم بقوله :( والله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة ) يشهد ) أي يخبر إخبار الشاهد ) إنهم لكاذبون ( وقد بان بهذا كله ان سبب فضيحتهم ما تضمنه فعلهم من عظيم الضرر للغسلام وأهله ؛ ثم قال ناهياً عن غجابتهم إلى ما ارادوا به من التلبيس إنتاجاًعن هذا الكلام الذي أمضى من السهام :( لا تقم فيه ) أي مسجد الضرار ) أبداً ) أي سواء تابوا أو لا، وأراد بعض المخلصين ان يأخذه أولاً، اي لا بد من إخرابه ومحو أثره عن وجه الأرض.
ولما ذمه وذم أهله، مدح مسجد النبي ( ﷺ )، إما الذي بالمدينة الشريفة وغما الذي ببني عمرو بن عوف بقباء على الخلاف في ذلك. وهو الذي اتخذ في أول الإسلام مسجداً إحساناً وإيماناُ وجمعاً بين الؤمنين وغعداداً لمن صادق الله ورسوله، ومدح أهله غرشاج لكل من كلن مال إليه من المؤمنين لقرب أو غيره إلى العوض عنه، ولعله أبهم تعيينه وذكر وصفه ليكون صالحاً لكل من المسجدين.
لما اتصف بهذا الوصف من غيرهما فقال مؤكداً تعريفاً بما له من الحق ولما للمنافقين من التكذيب :( لمسجد أسس ) أي وقع تاسيسه ) على التقوى ) أي فأحاطت التقوى به لأنها إذا أحاطت بأوله أحاطت بآخره ؛ ولما كان التأسيس قد تطول مدة ايامه