صفحة رقم ٣٩٥
لما بين اوج الإيمان وحضيض الكفران بكل اعتبار فقال تعالى ) وما كان الله ( اي الذي له صفات الكمال ؛ ولما كان الضلال سبب الهلاك، وكان من شرع شريعة ثم عاقب ملتزمهت من غير بيان كمن دل على طريق غير موصل فهلك صاحبه فكان الدال بذلك مضلاً، قال :( ليضل قوماً ) أي يفعل بهم ما يفعل بالضالين من العقوبة لأجل ارتكابهم لما ينهي عنه بناسخ نسخة ) بعد إذ هداهم ) أي بشريعة نصبها لهم ) حتى يبين لهم ) أي بياناً شافياً لداء العي ) ما يتقون ) أي مما هو جدير بأن يحذروه ويتجنبوه خوخاً من غائلته بناسخ ينسخ حال الإباحة التي كانوا عليها.
ولما كان الذي يأمر بسلوك طريق ثم يترك فيها ما يحتاج إلى البيان إنما يؤتي عليه من الجهل أو النسيان.
نفي ذلك سبحانه عن نفسه فقال معللاً لعدم الإضلال :( إن الله ) أي المحيط بصفات الكمال ) بكل شيء عليم ) أي بالغ العلم فلا يتطرق إليه خفاء بوجه من الوجوه في حين من الأحيان فهو يبين لكم جميع ما تأتون وتذرون وما يتوقف عليع الهدى، وما تركه فهو إنما يتركه رحمة لكم ) لا يضل ربي ولا ينسى ) [ طه : ٥٢ ] فلا تبحثوا عنه ؛ ثم علل علمه بكل شيء فهو خبير بكل ما ينفعكم ويضركم وهو وليكم، يبينه لكم، ومن كان له جميع الملك كان بحيث لا يستعصي على أمره شيء : علم ولا غيره، لأن العلم من أعظم القوى والقدر، ولا يكون الملك إلا عالماً قادراً ؛ ثم علل قدرته وعلمه بما يشلهد متكرراً من فعله في الحيوان والنبات وغير ذلك فقال :( يحي ويميت ) أي بكل معنى فهو الذي احياكم وغيركم الحياة الجسمانية وخصم أنتم بالحياة الإيمانية، وكما جعل غيركم بعضهم أولياء بعض وجمعهم كلهم على ولاية عدوهم الشيطان جعلكم أنتم أولياء ربكم الرحمن فهو وليكم وناصركم ) وما ) أي والحال أنه ما ) لكم ( ولما كان ليس لأحد أن يجوز كل ما دون رتبته سبحانه، اثبت الجار فقال.
) من دون الله ) أي الملك الذي له الأمر كله، وأغرق في النفي بقوله :( من ولي ) أي قريب يفعل معكم من الحياطة والنصح ما يفعل القريب من النصرة وغيره.
ولما كان الإنسان قد ينصره غير قريبة قال.
) ولا نصير ) أي فلا توالوا إلا من كان من حزبه وأهل حبه وقربه، وفيه تهديد لمن أقدم على ما ينبغي أن يتقي لا سيما الملاينة لأعداء الل من المساترين والمصارحين، فإن غاية ذلك موالاتهم وهي لا تعني


الصفحة التالية
Icon