صفحة رقم ٣٩٧
لقيت من المشقة، قال وقيل : ساء ظنها من شدة العسرة وقلة الوفر وبعد الشقة وقوة العدو المقصود - انتهى.
ويجوز أن يكون عبرب ) ثم ( لوصولهم إلى حالة يبعد معها الثبات فضلاً عن مباعدة مواقع الزلات فثبتها حتى عادت كالحديد من غير سبب ظاهر من ( جيش أو غيره ) فثبت بذلك أنه مالك الملك متمكن من فعل كل ما يريده وأنه لا ولي لهم سواه : ثم علل لطفه بهم بقوله :( إنه بهم رؤوف رحيم ( والرأفة : شدة الرحمة، بإسباغ جلائل النعم ودفع جلائل النقم، ويرحمهم أيضاً النفع، ومادة رأف تدور مع السعة على ما أشير إليه في سورة سبحان على شدة الوصلة.
فالرأفة - كما قال الحرالي في البقرة - عطف العاطف على من يجد عنده منه وصلة، فهي رحمة ذي الصلة بالراحم، والرحمة تعم من لاصلة له بالراحم - انتهى.
فتكون الرأفة حينئذ للثابتين والرحمة لمن قارب الزيغ.
فيصير الثابت مرحوماً مرتين لأنه منظور إليهبالصفتين، وتقدم عند الحزبين من البقرة ما ينفع هنا.
التوبة :( ١١٨ - ١٢٠ ) وعلى الثلاثة الذين.....
) وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ( ( )
ولما صرح بالتوبة على من قارب الزيغ وخلط معهم أهل الثبات إشارة إلى أن كل أحد فقير إلى الغني الكبير وليكون اقترانهم بأهل المعالي، وجعلهم في حيزهم تشريفاً لهم وتأنيساً لئلا يشتد إنكارهم، أتبعه التوبة على من وقع منه الزيغ فقال غير مصرح بالزيغ تعليماً للأدب وجبراً للخواطر المنكسرة.
) وعلى ) أي ولقد تاب الله على ) الثلاثة الذين ( ولما كان الخلع للقلوب مطلق التخليف، بني للمفعول قوله :( خلفوا ( أي