صفحة رقم ٤٠٤
من لا يعدله القرآن كان له من الصغار وبيض الهند تعديل
نبه على ذلك أبو حيان.
ولما كان التقدير : وليكن كل ذلك مع التقوى لا بسبب مال ولا جاه فإنها ملاك الأمر كله، قال منبهاً على ذلك بقوله :( واعلموا أن الله ) أي الذي له الكمال كله ) مع المتقين ( فلا تخافوا ان يؤدي شيء من مصاحبتها إلى وهن فإن العبرة بمن كان الله معه.
ولما ذكر هذه السورة أي الطائفة الحاضة بصيغة ( لولا ) على النفر مع رسول الله ( ﷺ ) الآمرة بجهاد الكفار والغلطة عليهم، وكان لا يحمل على ذلك إلا ما أشار إليه ختم الآية السالفة من التقوى بتجديد الإيمان كلما نزل شيء من القرآن، وكان قد ذكر سبحانه المخالفين لأمر الجهاد بالتخلف دون أمر الإيمان حين قال ) وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين ( التفت إلى ذلك ليذكر القسم الآخر وهو القاعد عن الإيمان فقال :( وإذا ( وأكد بزيارة النافي تنبيهاً على فضل الإيمان فقال :( ما ( ولما كان المنكى لهم مطلق النزول، للمفعول قوله :( أنزلت سورة ) أي قطعة من القرآن، أي في معنى من المعاني ) فمنهم ) أي من المنزل إليهم ) من يقول ) أي إنكاراً واستهزاء، وهم المنافقون ) أيكم ) أي أيها العصابة المنافقة ) زادته هذه إيماناً ( إيهاماً لأنهم متصفون بأصل الإيمان، لأن الزيادة ضم الشيء إلى غير مما يشاركه في صفت، هذا ما يظهرون تستراً، وأما حقيقة حالهم عند أمثالهم فالاستهزاء استبعاداً لكونها تزيد أحداً في حاله شيئاً، وسبب شكهم واستفهامهم أن سامعيها انقسموا إلى قسمين، مؤمنين ومنافقين، ولذلك أجاب تعالى بقوله مسبباً عن إنزالها :( فأما الذين آمنوا ) أي أوقعوا الإيمان حقيقة لصحة أمزجة قلوبهم ) فزادهم ) أي تلك السورة ) إيماناً ) أي إيمانهم بها إلى ما كان لهم من الإيمان بغيرها وبتد برها ورقة القلوب بها وفهم ما فيها من المعارف الموجبة لطمأنينة القلوب وثلج الصدور.
ولما كان المراد بالإيمان الحقيقة وكانت الزيادة مفهمة لمزيد عليه، استغنى عن أن يقول : إلى إيمانهم، لذلك ولدلالة ) الذين آمنوا ( عليه ) وهم يستبشرون ) أي يحصل لهم البشر بما زادتهم من الخير الباقي الذي لا يعدله شيء ) وأما الذين ( وبين أن أشرف ما فيهم مسكن الآفة فقال :( في قلوبهم مرض ( فمنعهم الإيمان وأثبت لهم الكفران فلم يؤمنوا.
ولما كان المراد بالمرض الفساد المعنوي المؤدي إلى خبث العقيدة، عبر عنه