صفحة رقم ٤٢٩
وحده آية باقية على وجه الدهر بديعة في الآيات دقيقة المسلك بين المعجزات مع عجزهم عن معارضته بتبديل أو غيره، فأي عناد أعظم من هذا.
ولما كان في شوب من الاستفهام، قال مسببا عن قولهم :( فقل ( قاصرا قصرا حقيقيا ) إنما الغيب ) أي الذي عناه عيسى عليه السلام بقوله ) ولا أ " لم ما في نفسك ) [ المائدة : ١١٦ ] وهو ما لم يطلع عليه مخلوق أصلا ) لله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة وحده، لا علم اي بعلة عدم إنزال الآيات من الممكنات، سبب عنه قوله : هذا الأمر ) فانتظروا ( ثن أجاب من كأنه يقول له : فما تعمل أنت ؟ بقوله ) إني معكم ) أي في هذا الأمر غير مخالف لكم في التشوف إلى آية تحصل بها هدايتكم، ثم حقق المعنى وأكده فقال :( من المنتظرين ) أي لما يردعلى من آية وغيرها.
يونس :( ٢١ - ٢٣ ) وإذا أذقنا الناس.....
) وَإِذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( ( )
ولما كان طلبهم محركاً لنفوس الخيّرين إلى ترجى إجابة سؤالهم، أتبعه سبحانه بما يبين أن ذلك غير نافع لهم لأنه محض تعنت.
فقال تعالى عاطفاً على قوله ) قال اكافرون إن هذا لسحر مبين ( أو ) وإذا مسَّ الإنسان الضر ( مبيناً أن رحمته محققة الوجود كثيرة الورود إليهم مبيناً أن لهم آية عظمى من أنفسهم لا يحتاجون معها إلى التعنت بطلب آية وهي دالة على نتيجة مقصود السورة الذي هو الوحدانية وأن إشراكهم إنما هو بما لهم من نقص الغرائز الموجب لكفران الإحسان، وذلك انهم عامة إذا أكرموا بنعمة قابلوها بكفر جعلوا ظرفه على مقدار ظرف تلك النعمة بما اشار إليه التعبير ب ( إذا ) ثم بنعمة قابلوها بكفرجعلوا ظرفه على مقدار ظرف تلك النعمة بما اشار إليه التعبيرب ( إذا ) ثم إذا مسهم الضر ألجأهم إلى الحق فأخلصوا، لم يختلف حالهم في هذا قط، وهذا الإجماع من الجانبين دليل واضح على كلا الأمرين ؛ الكفر ظلماً بما جر إليه من البطر.
والتوحيد حقاً بما دعا إليه من الفطرة القويمة الكائنة في أحسن تقويم بما زال عنها إلحاق الضرر من الخطوط والشهوات والفتور، وهذا كما وقع في سورة الروم المافقة لهذه في الدلالة على الوحدانية فلذا عبر في كل منهما بالناس ليكون إجماعهم دليلاً كافياً عليها وسلطاناً جليلاً مضطراً إليها - والله الهادي :( وإذا أذقنا ) أي على ما لنا من العظمة ) الناس ( اي الذين


الصفحة التالية
Icon