صفحة رقم ٤٣٩
ووحده للتساوي فيه في الغالب ) والأبصار ( التي تبصرون بها ما أنعم عليكم به في خلقها ثم حفظها في المدد الطوال على كثرة الآفات فيفيضها عليكم لتكمل حيتكم الحسية ببقاء الروح، والمعنوية بوجود العلم ؛ روي عن علي رضي الله عنه انه قال : سبحانه من بصر بشحم، وأسمع بعظم، وأنطق بلحم.
فلما سألهم عن أوضح ما هم فيه وقربه، نبههم على ما قبله من بدء الخلق فقال :( ومن يخرج الحي ( من الحيوان والنبات ) من الميت ) أي من النطفة ونحوها ) ويخرج الميت ) أي من النطفة ونحوها مما لا ينمو ) من الحي ( اي فينقل من النقص إلى الكمال ؛ ثم عم فقال :( ومن يدبر الأمر ) أي كله التدبير العام.
ولما كانوا مقرين بالرزق وما معه من الخلق والتدبير، أخبر عن جوابهم إذا سئلوا عنه بقوله :( فسيقولون الله ( اي مسمى هذا الاسم الذي له الكمال كله بالحياة والقيومية بخلاف ما سيأتي من الإعادةوالهداية ) فقل ( اي فتسبب عن ذلك أنا نقول لك : قل لهم مسبباً عن جوابهم هذا الإنكار عليهم في عدم التقوى :( فقل ) أي فتسبب عن ذلك انا نقول لك : قل لهم مسبباً عن جوابهم هذا الإنكار عليهم في عدم التقوى :( أفلا تتقون ) أي تجعلون وقاية بينكم وبين عقابه على اعترافكم بتوحده في ربوبيته وإشراككم غيره في إلهيته ؛ ثم علل إنكار عدم تقواهم بقوله :( فذالكم ( اي العظيم الشان ) الله ( اي الذي له الجلال والإكرام، فكانت هذه قدرته وأفعاله ) ربكم ) أي الوجد لكم المدبر لأموركم الذي لا إحسان عندكم لغيره ) الحق ) أي الثابته ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لاجتماع الصفات الماضية له لا لغيره لأنه لا تكون الربوبية حقيقية لمن لم تجتمع له تلك الصفات ) فما ( اي فتسبب عن ذلك أن يقال لكم : ما ) ذا بعد الحق ) أي الذي له أكمل الثبات ) إلاّ الضلال ( فغنه لا واسطة بينهما - بما أنبأ عنه إسقاط الجار، ولا يعدل عاقل عن الحق إلى الضلال فانّى تصرفون أنتم عن الحق إلى الضلال ؛ ولذلك سبب عنه قوله :( فأنى ) أي فكيف ومن أيّجهة ) تصرفون ) أي أنتم من صارف ما كائناً ما كان، عن الحق إلى الضلال.
ولما كانوا جديرين عند تقديرهم بهذه الآية وإقرارهم بمضمونها يقولوا : سلمنا فأسلمنا ولا نصرف عن الحق أبداً، لم يقولوا، كانوا حقيقين بأن يقال لهخم : حقت عليكم كلمة اللله لفسقكم وزغانكم عن الحق : فقيل : هل خصوا بذلك ؟ فقيل : بل ) كذلك ) أي مثل ذلك الحقوق اعظيم ) حقت كلمت ربك ) أي المحسن إليك بإهلاك أعدائك : الكلمة الواحدة النافذة التي لا تردد فيها، ومعنى الجمع في قراءة نافع فالمراد عامر أنه لا شيء من كلماته يناقض الكلمة التي أوجبت عذابهم، بل كلها توافقها فالمراد واحد، أو يكون ذلك كناية عن أن عذابهم دائم فإن كلماته لا تنفذ ) على ( كل