صفحة رقم ٥١٥
ولما كان النظر شديداً إلى بيان كذبهم وتكذيبهم، بولغ في تأكيد قوله :( وهم ( اي بضمائرهم وظواهرهم ؛ ولما كان تكذيبهم بالآخرة شديداً، قدم قوله :( بالآخرة ( وأعاد الضمير تأكيداً لتعيينهم وإثبات غاية الفساد لبواطنهم واختصاصهم بمزيد الكفر فقال :( هم كافرون ( ايعريقون في هذا الوصغ ؛ والعرض : إظهار الشيء بحيث يرى للتوقيف على حالة، والصد : المنع بالإغراء الصارف عن الأمر ؛ والبغية : طلب أمر من الأمور، وهي إرادة وجدان المعنى بما يطمه فيه ؛ والعوج : العدول عن طريق الصواب، وهو في المعنى كالدين بالكسر، وفي غيره كالعود بالفتح فرقاً بين ما يرى وما لا يرى، جعلوا السهل للسهل والصعب للصعب ؛ روى البخاري في التفسير عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ( ﷺ ) قال في النجوى :( يدنى المؤمن من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقرره بذنوبه : تعرف ذنب كذا ؟ يقول : أعرف رب أعرف - مرتين، ويقول : سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليومظن ثم يطوي صحيفة حسناته، وأما الآخرون أو الكفار فينادي على رؤوس الأشهاد ) هؤلاء الذين كذبوا على بهم إلا لعنة الله على الظالمين (.
هود :( ٢٠ - ٢٢ ) أولئك لم يكونوا.....
) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ ( ( )
ولما هددهم بأمور الآخرة، أشار إلى بيان قدرته على ذلك في الدارين بقوله :( أؤلئك ) أي البعداء عن حضرة الرحمة ) لم يكونا ) أي بوجه من الوجوه ) معجزين ( وأشار غلى عجزهم بأنهم لا يقدرون على بلوغ العالم العلوي بقوله :( في الأرض ) أي ما كان الإعجاز - وهو الامتناع من مراد الله - لهم ولا هو في قدرتهم، لأن قدره على جميع الممكنات على حد سواء.
ولما نفى التعذر بأنفسهم، نفاه من جهة غيرهم فقال :( وما كان لهم ( ولما كانت الرتب التي هي دون عظمته سبحانه متكاثرة جداً، بين أنهم معزولون عن كل منها بإثبات الجار فقال :( من دون الله ) أي الملك الأعظم، وأغرق في النفي بقوله :( من أولياء (