صفحة رقم ٥٤٤
) ربي وربكم ) أي الذي أوجدنا ودبر أمورنا قبل أن يخلقنا فعلم ما بعمل كل منا في حق الآخرة لأنه ) ما من دابة ( أس صغرت أو كبرت ) إلا هو آخذ ) أي أخذ قهر وغلبة ) بناصيتها ) أي قادر عليها، وقد صار الأخذ بالناصية عرفاً في القدرة، لأن الكل جارون مع مراده بل لا ينفك أحد عن كراهة لبعض ما هو فيد فدل ذلك قطعاً على أنه بغير مراده فاهر قهره على ذلك وهو الملك الأعلى سبحانه ؛ والناصية : شعر مقدم الرأس، ومن أخذ بناصيته فقد انقاد لأخذه لا يستطيع ميلاً ) إن ) أي لأن ) ربي ) أي المحسن إليّ بما أقامني فيه ) على الصراط ) أي طريق واسع بين ) مستقيم ( ظاهر أمره لكل أحد لا لبس فيه أصلاً ولا خلل ولا اضطراب ولا اعوجاج بوجه، فلذلك كان كل من في الكون يتألهه ويدعو ويخافه ويرجوه وإن اتخذ بعضهم من دونه شركاء، وأما ما يعبد من دونه فلا يعظمه غلا عابده، وأما غير عابده فإنه لا يقيم له وزناً ؛ فصح بهذا غالب على كل شيء غلبة يعلمها كل موجود من غير خفاء أصلاً، فهو مرجو مروب بإجماع القلاء بخلاف معبوداتكم، والحاصل أنه يلزم الصراط المستقيم الظهور، فيلزم عدم الاختلاف لانتفاء اللبس، فمن كان عليه كان عليّ القدر شهير الأمر، بصيراً بما يريد، مع الثبات والتمكن، مرهوب العاقبة، مقصوداً بالاتباع والمحبة، من لم يقبل إليه ضل، ومن أعرض عنه أخذ لكثرة أعوانه وعز سلطانه، فظهرت قدرته على عصمة من يتوكل عليه وعجز معبوداتهم معهمن لأن نواصي الكل بيده وهو ربها وربهم ورب كل شيء، فقد انطبقختام الآية على قولهم ) ما جئتنا ببينة ( رداً له لأن من كان على صراط مستقيم لم يكن شيء أبين من أمره، وعلى جوابه في توكله وما في حيزه أتك انطباق ؛ والناصية : مقدم الشعر من الرأس، واصلها الاتصال من قولهم : مفازة تناصي مفازة - إذا كانت متصلة بها.
هود :( ٥٧ - ٦٠ ) فإن تولوا فقد.....
) فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ( ( )
ولما استوفى تشييده أمره وهدم قولهم، أخذ يحذرهم فقال مبيناً أن العدول عما جاء به لا يكون إلا بمعالجة الطبع السليم :( فإن تولوا ( ولو أدنى تولية بما يسير إليه حذف التاء، فعليكم اللوم دوني، لأني فعلت ما عليّ ) فقد ) أي بسبب أني قد