صفحة رقم ٥٤٧
للإبعاد بما جرى لهو عليه السلام معهم من الإنكار والدعاء عليهم بعد الهلاك كناية عن الإخبار بأنهم كانوا مستحقين للهلاك ؛ والجحد : الخبر عما يعلم صحته أنه لا يعلمها، وهو ضد الاتارف كما أن النفي ضدالإثبات، فهو خبر بمجرد العدم فهو أعم ؛ والعصيان خلاف ما أمر به الداعي على طريق الإيجاب ؛ واللعنة : الدعاء بالإبعاد، وأصلها الإبعاد من الخير ؛ والإتباع : جعل الثاني على أثر الأول، والإبلاغ أخص منه، والمراد هنا بلوغها لهم لأن الذي قضى بذلك قادر وقد ألحق بهم عذاب الدنيا المبعد لهم من مظان الرحمة.
هود :( ٦١ - ٦٢ ) وإلى ثمود أخاهم.....
) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ قَالُواْ ياصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ ( ( )
ولما انقضت قصة عاد على ما أراد سبحانه، أتبعها قصة من كانوا عقبهم في الزمن ومثلهم في سكنى أرض العرب وعبادة الأوثان والمناسبة في الأمر المعذب به لأن الموصل للصيحة غلى الأسماع هو الريح وفي خفاء أمرهم، مفصلاً على أهل ذلك الزمان فقال :( وإلى ) أي ولقد أرسلنا إلى ) ثمود أخاهم ( وبينه بقوله :( صالحاً ( ثم أخرج قوله ( ﷺ ) على تقدير سؤال فقال :( قال يا قوم ) أي يا من يعز عليّ أن يحصل لهم سوء ) اعبدوا الله ( اي الملك الأعظم وحده لأن عبادتكم له مع غيره ليست بشيء ؛ ثم استأنف تفسير ذلك فقال :( ما لكم ( أغرق في النفي فقال :( من إله غيره ( جرياً على منهاج الدعاة غلى الله في أصل الدين، وهو إفراد المنعم بالعبادة.
ولما أمرهم بذلك، ذكرهم قدرته ونعمته مرغباص مرهباً فقال :( هو ) أي وحده ) أنشأكم ) أي ابتدأ خلقكم ) من الأرض ( بخلق آدم عليه السلام منها بغير واسطة وبخلقكم من المني من الدم وهو من الغذاء وهو من النبات وهو من الأرض كما أنشأ أوثانكم منها ) و ( وفع مقداركم عليه بأن ) استعمركم ( اي أهلكم لما لم يؤهل له الأوثان من أن تكونا عماراً ) فيها ( فلا تنسوا حق إلهكم وما فضلكم به من حق أنفسكم بخضوعكم لما لا يساويكم فكيف بمن أنشأكم وإياها ؛ والإنشاء : الابتداء بالإيجاد من غير استعانة بشيء من الأسباب.
ولما بين لهم سبحانه عظمته، وكان الشيطان قد شبه عليهم لأنه لعظمته لا يوصل إليه بوسيلة كما هو حال الملوك وألقى إليهم أن الأوثان وسائل، نفى ذلك مبيناً طريق الرجوع إليه بقوله :( فاستغفروه ) أي فاقبلوا بكل قلوبكم عليه طالبين أن يستر ذنوبكم ؛