صفحة رقم ٥٥٣
الرماني : ودخلت اللام لتأكيد الخبر كما يؤكد القسم ) جاءت رسلنا ) أي الذين عظمتهم من عظمتنا، قيل : كانوا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام ) إبراهيم ( هو خليل الله عليه السلام ) بالبشرى ) أي التي هي من أعظم البشائر وهي إكرامه بإسحاق عليه السلام ولداً له من زوجته سارة رضي الله عنها، جاءوه في الصفة التي يحبها وهي صفة الأضياف، فلم يعرفهم مع أنه الخليل بل إنكارهم كما قال تعالى في الذريات
٧٧ ( ) قال سلام قوم منكرون ( ) ٧
[ الذريات : ٢٥ ] فيحمل إنكاره أولاً على الاستغراب بمعنى أنه لم ير عليهم زيّ اهل تلك البلاد ولا أثر سفر، فكأنه قيل : ما كان من أمرهم ؟ فقيل :( قالوا سلاماً ) أي سلمنا عليك سلاماً عظيماً ) قال سلام ) أي ثابت دائم عليكم لا زوال له أبداً، فللرفع مزية على النصب لأنه إخبار عن ثابتن والنصب تجديد ما لم يكن، فصار مندرجاً في
٧٧ ( ) فحيوا بأحسن منها ( ) ٧
[ النساء : ٨٦ ] ثم أكرم نزلهم وذهب يفعل ما طبعه الله عليه من سجايا الكرم وأفعال الكرام في أدب الضيافة من التعجيل مع الإتقان ) فما لبث ( اي فتسبب عن مجيئهم وتعقبه أنه ما تأخر ) أن جاء بعجل حنيذ ) أي مشوي على حجارة محماة في أخدود وفوقه حجارة محماة ليشتد نضجهن فكان بعد الشيّ يقطر دسمه لأنه سمين، كل ذلك وهو لا يعرف أنهم ملائكة، بل هو قاطع بأنهم ممن يأكل، وهذا ناظر غلى قول قوم نوح ) وما نرى لكم علينا من فضل ( وقوله ) ولا أقول للذين تزدري أعينكم ( الآية، أي إن الله جعل المعاني في القلوب وناط بها السعادة والشقاوة، وقد تخفي تلك المعاني كما خفي على أكمل أهل ذلك الزمان أن ضيفه ملائكة حتى خاف منهم وقد أتوه بالبشرى، فلا ينبغي لأحد أن يحتقر أحداً إلا بما أذن الله فيه.
ولما وضع الطعام بين أيديهم لم يلموا به ) فلما رأى ايديهم ( اي الرسل عقب الوضع سواء ) لا تصل إليه ) أي إلى العجل الذي وضعه ليأكلوه ) نكرهم ) أي اشتدت نكارته لهم وانفعل لذلك، وهذا يدل على ما قال بعض العلماء : إن نر أبلغ من أنكر ) وأوجس ( اي أضمر مخفياً في قلبه ) منهم خيفة ) أي عظيمة لما رأى من أحوالهم وشاهد من جلالهم، وأصل الوجوس : الدخول، والدليل - على أن خوفه كان لعلمه بالتوسم أنهم ملائكة نزلوا لأمر يكرهه من تعذيب من يعز عليه أو نحو هذا - أنهم ) قالوا لا تخف ( ثم عللوا ذلك بقولهم ) إنآ أرسلنآ ) أي ممن لا يرد أمره ) إلى قوم لوط ( فإنهم نفوا الخوف عنه بالإعلام بمن أرسلوا إليه، لا بكونهم ملائكة، قالوا ذلك وبشروه بالولد ) وامرأته ) أي جاءته الرسل بالبشرى أي ذكروها له والحال أن زوجة إبراهيم التي هي كاملة المروءة وهي سارة ) قآئمة ( قيل : على باب الخيمة لأجل ما لعلها تفوز به من المعاونة على خدمتهم، فسمعت البشارة بالولد التي دل عليها فيما مضى قوله