صفحة رقم ٥٦٥
والموزون وآلتهما ؛ وأكده بقوله :( بالقسط ) أي العدل السوي، فصار الوفاء مأموراً له في هاتين الجملتين مراراً تأكيداً له وحرصاً عليه لعموم نفعه وشمول بركته، فزال بالمجموع توهم المجاز على أبلغ وجه، وقد مضى في الأنعام ويأتي في هذه االسورة عند ) غير منقوص ( أن الشيء يطلق مجازاً على ما قاربه ؛ ثم أكده أيضاً بتعميم النهي عن كل نقص بذلك وغيره في جميع الأموال فقال :( ولا تبخسوا ) أي تنقصوا على وجه الجحد والإهانة ) الناس أشياءهم ( ثم بين أن أفعالهم ثمرة الهجوم عن غير فكر لأنها ليست ناشئة عن شرع فاولها سفه وآخرها فساد فقال :( ولا تعثوا في الأرض ) أي تتصرفوا وتضطربوا فيها عن غير بصسرة ولا تأمل حال كونكم ) مفسدين ) أي فاعلين ما يكون فساداً في المعنى كما كان فساداً في الصورة، فهو دعاء إلى تقديم التأمل والتروي على كل فعل وذلك لأن مادة ( عثى ) بكل ترتيب دائرة على الطلب عن غير بصيرة، من العيث - للأرض السهلة، فإنها لسهولتها يغتر بها فيسلكها الغبي بلا دليل فيأتي الخفاء والجهل، ومنه التعييت - لطلب الأعمى الشيء ؛ والأعثى : الأحمق التقيل، واللون إلى السواد، والكثير الشعر، ويلزم ذلك اتباع الهوى فيأتي الإفساد والمسارعة فيه، وذلك هو معنى العثى ؛ قال أئمة اللغة ( عثى وعاث، : أفسد، وفي مختصر العين للزبيدي : عثى في الأرض بمعنى عاث يعيث عيثاً، وهو الإسراع في الفساد، المعنى على ما قا لالجمهور : ولا تفعلوا الفساد عمداً وهو واضح، وعلى ما قدّرته من أصل المعنى الذي هو للمدار أوضح، وعلى ما قال الزبيدي : ولا تسرعوا فيه، فلا يزن أنه يكون الإسراع حينئذ يداً حتى ينصب النهي إليه، بل هو إشارة غلى أنه لا يكون الإقدام بلا تأمل إلا كذلك لملاءمته للشهوة - والله أعلم ؛ والوفاء : تمام الحق ؛ والبخس : النقص، فهو اخص من الظلم لأنه وضع الشيء في غير موضعه.
هود :( ٨٦ - ٨٨ ) بقية الله خير.....
) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ قَالُواْ يشُعَيْبُ أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قَالَ يقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ( ( )
ولما كان نظرهم بعد الشرك مقصوراً على الأموال، وكان نهيه عما نهيه عما نهى عنه موجباً لمحقها في زعمهم، كاوا كأنهم قالوا : إنا إذا اتبعناك فيما قلت فنيت أموالنا أو قات فتضعضعت أحوالنا، فلا يبقى لنا شيء ؟ فقال :( بقيت الله ) أي فضل الملك الأعلى