صفحة رقم ٥٦٨
وجه الإخلاص في الكل فثبت ببعده عن التهمة مع سداد الأفعال وحسن المقاصد - حلمه ( ﷺ ) ورشده، فلذلك أتبعه بما تضمن معناه مصرحاً به فقال :( إن ) أي ما ) أريد ) أي شيئاً من الأشياء ) إلا الإصلاح ( وأقر بالعجز فقال :( ما استطعت ) أي مدة استطاعتي للاصلاح وهو كما أردت فإن مالي - مع اجنتابي ما أنتم عليه - صالح، ليس بدون مال أحد منكم، فعلم، مشاهدة أن لا تبذير في العدل، وأما التوحيد فهو - مع انتفاء التهمة عنى فيه - دعاء إلى القادر على كل شيء الذي لا خير إلى منه ولا محيص عن الرجوع إلأيه ؛ ثم تبرأ من الحول والقوة، وأسند الأمر إلى من هو له فقال :( وما توفيقي ( إي فيما استطعت من فعل الإصلاح ) إلا بالله ) أي الذي له الكمال كله ؛ ثم بين أنه الأهل لأن يرجى فقال مشيراً إلى محض التوحيد الذي هو أقصى مرتب العلم بالمبدأ ) عليه ) أي وحده ) توكلت ( ولما طلب التوفيق لإصابة الحق فيما يأتي ويذر من الله والاستعانة به في مجامع أمره وأقبل عليه بكليته وحسم أطماع الكفار عنه وأظهر الفراغ عنهم وعدم المبالاة بهم، وكان في قوله ) ما استطعت ( إقرار بأنه محل التقصير، أخبر بأنه لا يزال يجدد التوبة لعظم الأمرن وعبر عن ذلك بعبارة صالحة للتحذير من يوم البعث تهديداً لهم فقال منبهاً على معرفة المعاد ليكمل الإيمان وحساً تيقني بالبعث بعد الموت ؛ والوفيق : خلق قدرة ما هو وفق المر من الطاعة، من الموافقة للمطابقة ؛ والتوكل على الله : تفويض الأمر إليه على الرضاء بتدبيره مع التمسك بطاعته.
هود :( ٨٩ - ٩١ ) ويا قوم لا.....
) وَيقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ قَالُواْ يشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ( ( )
ولما بين لهم عذره بما انتفت به تهمته، تبعه بما يدلهم على أن الحق وضح لهم وضوحاً لم يبق معه إلا المعاندة، فحذرهم عواقبها وذكرهم أمر من ارتكابها فقال :( ويا قوم ( وأعز الناس عليّ ) ولا يجرمنكم ) أي يحملنكم ) شقاقي ) أي شقاقكم لي على ) أن يصيبكم ( من العذاب ) مثل ما ) أي العذاب الذي ) أصاب قوم نوح ( بعد طول أعمارهم وتنائي أقطارهم ) أو قوم هود ( على شدة أبدانهم وتمادي أمانهم ) أو قوم صالح ( مع نحتهم البيوت من الصخور وتشييدهم عوالي القصور.
ولما كان للمقاربة أثر المشاكلة والمناسبة، غير الأسلوب تعظيماً للتهويل