صفحة رقم ٥٧٢
وإنما قدرت هذا المعطوف عليه لفصل الكلام في قوله رسوف ( ويجوز عطفه على ) اعملوا ( وجرد ولم يقل : مرتقب، إشارة إلى أن همه الاجتهاد في العمل بما أمره الله لأنه مبالغ في ارتقاب عاقبته معهم استهانة بهم.
ولما كان كأنه قيل : فأخذوا الكلام على ظاهره ولم ينتفعوا بصادع وعيده وباهره، فاستمروا على ما هم عليه من القبيح غلى أن جاء أمرنا في ألأجل المضروب له، قال عاطفاً عليه، وكان العطف بالواو لأنه لم يتقدم وعيد بوقت معين - كما في قصتي صالح ولوط عليهما السلام - يتسبب عنه المجيء ويتعقبه :( ولما جاء أمرنا ( اي تعلق إرادتنا بالعذاب ) نجينا ( بما لنا من العظمة ) شعيباً ) أي تنجية عظيمة ) والذين آمنوا ( كائنين ) معه ( منهم ومما عذبناهم به، وكا إنجاءنا لهم ) برحمة منا ( ولما ذكر نجاة المؤمنين، أتبعه هلاك الكافرين فقال :( وأخذت الذين ظلموا ) أي أوقعوا الظلم ولم يتوبوا ) الصيحة ( وكأنها كانت دون صيحة ثمود لأنهم كانوا أضعف منهم فلذلك أبرز علامة التأنيث في هذه دون تلك.
ولما ذكر الصيحة ذكر ما تسبب عنها فقال :( فأصبحوا ( اي في الوقت الذي يتوقع الإنسان فيه السرور وكل خير ) في ديارهم جاثمين ( اي ساقطين لازمين لمكانهم.
ولما كان الجثوم قد لا يكون بالموت، أوضح المراد بقوله :( كأن لم يغنوا فيها ) أي لم يقيموا في ديارهم أغنياء متصرفين مترددين مع الغواني لاهين بالغناء ؛ ولما كان مضمون ذلك الإبعاد أكده بقوله :( ألا بعداً لمدين ( بعداً مع أنه بمعنى ضد القرب معه هلاك، فهو من بعد بالكسر وأيد ما فهمته من أن أمرهم كان أخف من أمر ثمود بقوله :( كما بعدت ثمود (.
هود :( ٩٦ - ٩٩ ) ولقد أرسلنا موسى.....
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ( ( )
ولما كان شعيب ختن موسى عليهما السلام، كان ذكر قصته هنا متوقعاً مع ما حرك إلى توقعها من ذكر كتابه أول السورة وما في عصا موسى ناقة من ختم بالتسبيه بحالهم، فذكرها بعدها مفتتحاً له ابحرف التوقع فقال مؤكداً تنبيهاً على أن فرعون فعل فعل قريش في الإدبار عن الآيات العظيمة ولم يترك موسى عليه السلام شيئاً مما أوحي إليه من إنذاره :( ولقد أرسلنا ( أعاد العل وأبرزه في مظهر العظمة إشارة إلى