صفحة رقم ٥٧٦
موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) ثم قرأ ) وكذلك أخذ ربك ( الآية.
ولما كان مثل هذا الآخذ لا يداينه مخلوق ولا يقدر عليه ملك، حسن كل الحسن إتباع ذلك قوله :( إن أخذه أليم ) أي مؤلم قاطع للآمال مالىء البدن والروح والنفس بالنكال ) شديد ) أي صعب مفتت للقوى، ولعله عبر هنا باسم الرب مضيفاً له غلى المنبأ بهذه الأنباء مكرراً لذلك في هذا المقام الذي ربما سبق فيه الوهم إلى أنه باسم الجبار والمنتقم مثلاً أليق، إشارة إلى أنه سبحانه يربيك أحسن تربية في إظهارك على الدين كله وانقياد العظماء لأمرك وذل الأعزة لسطوتك وخفض الرؤوس لعلو شانك، فلا تتكلف أنت شيئاً نم قصد إجابتهم إلى إنزال آية أو ترك ما يغيظ من إنذار ونحو ذلك - والله الموفق.
ولما كام مما جر هذه القصص وهذه المواعظ تكذيبهم لما يوعدون من العذاب الناشىء عن إنكار البعث المذكور في قوله تعالى :( ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت (، أشار تعالى إلى تحقق أمر الآخرة وأنه مما ينبغي الاهتمام به رداً للمقطع على المطلع، وإعلاماً بأنه لا فرق بينه وبين ما تحقق إيقاعه من عذاب هذه الأمم في القدرة عليه بقوله مؤكداً لأجل جحودهم أن يكون في شيء مما مضى دلالة عليه بوجه من الوجوه :( إن في ذلك ) أي النبأ العظيم والقصص والوعظ بما يذكر ) لآية ) أي لعلامة عظيمة ودلالة بتة ولما كان وجود الشيء عدماً بالنسبة إلى ما لا نفع له به، قال :( لمن خاف عذاب ( يوم الحياة ) الآخرة ( لأنه نفع خاص به، وإنما كان آية له لأنه إذا نظر إلى إهلاكه للظالمين إهلاكاً عاماً بسبب ظلمهم وإنجائه للمؤمنين، علم أنه قادر على ما يريد، وأنه لا بد أن يجازي كلاًّ بما فعل، فإذا رأىى أن ظلمه كثيرين يموتون بغير انتقام، علم أنه لا بد من يوم يجازيهم فيه، وهو اليوم الذي أخبرت به عنه رسله، وزاد في الإشارة إلى تهويله بإعادة اسم الإشارة في قوله :( ذلك ) أي اليوم العظيم الذي يكون فيه عذاب الآخرة ) مجموع له ) أي لإظهار العدل فيه والفضل ) الناس ) أي كل من فيه اهلية التحرك والاضطراب وما ثمّ يوم غيره يكون بهذه الصفة اصلاً.