صفحة رقم ٥٧٩
جمعه، واللجأ والملجأ : المعقل والملاذ، والضفدع للزومها ملجأها من الماء، والجيأل للضبع للزومها وجارها، ولذلك تسمى أم عامر، وجئل - كفرح : عرج، كأنه شبه بمشيتها لأنها تسمى العرجاء، والأجل كقنب وقبر - لذكر الأوعال، لتحصنه بقرونه، والأجل - بالضم : المجتمع من الطين يجعل حول النخلة، والمآجل : الحوض يحبس فيه الماء، ومستنقع الماء مطلقاً، وأجله تأجيلاً : جمعه، ومن النظر غلى ما يلزم في المدة : أجل لأهله : كسب وجمع وجلب واحتال، وجأل - كمنع : جاء وذهب ؛ فقد تبين أن المراد بالأجل هنا الحين.
ولما كان كأنه قيل : يا ليت شعري ماذا يكون حال الناس إذا اتى ذلك الأجل وفيها الجبابرة والرؤساء وذوو العظمة الكبراء أجيب بقوله :( يوم يأت ) أي ذلك الأجل لا يقدرون على الامتناع بل ولا على مطلق الكلام، وحذف ابن عامر وعاصم وحمزة الياء اجتزاء عنها بالكسرة كما هو فاشٍ في لغة هذيل، وكان ذلك إشارة إلى أن شدة هوله تمنع أهل الموقف الكلام اصلاً في مقدار ثلثية، ثم يؤذن لهم في الكلام في الثلث الآخر بدلالة المحذوف وقرينة الاستثناء، فإن العادة أنيكون المستثنى أقل من المستثنى منه ) لا تكلم ( ولو أقل كلام بدلالة حذف التاء ) نفس ( من جميع الخلق في ذلكاليوم الذي هو يوم الآخرة، وهو ظرف هذا الأجل وهو يوم طويل جداً ذو ألوان وفنون وأهوال وشؤون، تارة يؤذن فيه الكلام، وتارة يكون على الأفواه الختامن وتارة يسكتهم الخوف والحسرة والآلامن وتارة ينطقهم الجدال والخصام ) إلا بإذنه ) أي بإذن ربك المكرر ذكره في هذه الآيات إشارة غلى حسن التربية وإحكام التدبير.
ولما علم منهذا أنه يوم عظمة وقهر، سبب عن تلك العظمة تقسيم الحاضرين فقال :( فمنهم ) أي الخلائق الحاضرين لأمره ) شقي ( ثبتت له الشقاوة فيسر في الدنيا لأعمالها ) وسعيد ( ثبتت له السعادة فمشى على منوالها ؛ والتأخير : الإذهاب عن جهة الشيء بالإبعاد منه، وضده التقديم ؛ والأجل : الوقت المضروب لوقوع أمر من الأمور ؛ واللام تدل على العلة والغرض والحكمة بخلاف ( إلى ) ؛ والشقاء : قوة أسباب البلاء.
ولما كان أكثر الخلق هالكاً مع أن المقام تهديد وتهويل، بدأ تعالى بالأشقياء ترتيباً للنشر على ترتيب اللف فقال :( فأما الذين شقوا ) أي أدركهم العسر والشدة ) ففي النار ) أي محكوم لهم بأنهم يدخلون الناء التي هي النار لو علمتم ) لهم فيها زفير ) أي عظيم جداً ) وشهيق ( من زفر - إذا أخرج نفسه بعد مدَّه إياه، وشهيق - إذ ترددالبكاء في صدره - قاله في القاموس ؛ وقال ابن كثير في تفسير سورة الأنبياء :


الصفحة التالية
Icon