صفحة رقم ٥٨٧
التي يعبر عنها بالفواحش ونحوه فقد تقدم في قصة شعيب عليه السلام عند قوله ) ثم توبوا إليه ( أنه لا يكفرها إلا التوبة لما فيها من الإشعار بالتهاون بالدين، واجتنابها لا يكفر إلا إذا كان عن نية صالحة كما أفهمه صيغة الافتعال من قوله
٧٧ ( ) إن تجتنبوا ( ) ٧
[ النساء : ٣٠ ] ؛ روى البخاري في التفسير عن ابن مسعود رضي الله عنه أم رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله ( ﷺ ) فذكر له ذلك فأنزل الله عليه ) أقم الصلاة طرفي النهار ( - الآية، قال ارجل : ألي هذه ؟ قال :( لمن عمل بها من أمتي ) وهذا الحديث يؤيد قول ابن عباس رضي الله عنهما : إن هذه الآية من هذه السورة المكية المدنية.
ولما تم هذا على هذا الوجه الأعلى والترتيب الأولى، قال تعالى مادحاً له ليعرف مقداره فيلزم :( ذلك ( اي الأمر العالي الرتبة الذي تقدم من الترغيب والترهيب والتسلية وتعليم الداء والدواء للخلاص من الشقاء ) ذكرى ) أي ذكر عظيم ) للذاكرين ) أي لمن فيه أهلية الذكر والانتباه به بحضوزر القب وصفاء الفكر ونقفوذ الفهم.
ولما كن الصبر لله على المكاره أعلى الطاعة، أتبع ذلك قوله :( واصبر ) أي ليكن منك صبر على الطاعات وعن المعاصي ولا تترك إنذارهم بما أمرت به مهما كان ولا تخفهم، فإن العاقبة لك إذا فعلت ؛ ولما كان المقام الصبر صعباً والاستقامة على المحمود منه خاصة خطراً، وكانت النفس - لما لها من الجزع في كثير من الأحوال - كالمنكرة، أكدَّ قوله :( فإن ( الصبر هو الإحسان كل الإحسان وإن ) الله ) أي المحيط بصفات الكمال ) لا يضيع ) أي بوجه من الوجوه ) أجر المحسنين ) أي العريقين في وصف الإحسان بحيث إنهم يعبدون الهكأنهم يرونه، فلذلك يهون عليهم الصبر، ولذلك لأن الطاعة كلفة فلا تكون إلا بالصبر، وكل ما عداها فهو هوى النفس لا صبر فيه، فلادين كله صبر ( حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات ) ولذا فضل ثواب الصابر
٧٧ ( ) إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( ) ٧
[ الزمر : ١٠ ] والصبر المحمود : حبس النفس عن الخروج إلى ما لا يجوز من ترك الحق، ونقيضه الجزع، قال الشاعر :
إن تصبر فالصبر خير مغبةً وإن تجزعا فالأمر ما تريان


الصفحة التالية
Icon