صفحة رقم ٦٥
[ البقرة : ١٣١ ] اوائل امرهم، وهذا كما سومت الحجارة لقريش - لما اجمعوا أن يرجعوا بعد توجههم عمن غزوة أحد من الطريق - ليفرغوا من النبي ( ﷺ ) واصحابه على زعمهم، كما قال ( ﷺ ) ( والذي نفسي بيده لقد سومت لهم الحجارة، ولو رجعوا لكانوا كامس الذاهب ) ولكنه ( ﷺ ) لما كان رسول رحمة لم يقض الله برجوعهم فمضوا حتى اسلم بعد ذلك كثير منهم، وكما أمطر الله الحجارة على أصحاب الفيل سنة مولده ( ﷺ ) حماية لبلده ببركته.
ولما انقضت هذه القصة العجيبة في القصص، أعاد النسق الول فقال ) وإلى مدين ) أي ارسلنا وهي بلد، وقيل فبيلة من اولاد مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام ) أخاهم ) أي من النسب، وبينه بقوله :( شعيباً ( وهوموصوف بأنه خطيب الأنبياءعليهم السلام لحسن مراجعة قومه ؛ ثم استأنف قوله على ذلك النسق :( قال ياقوم ( دالاً على النصيبحة والشفقة بالتذكير بالقرابة، وبدأ بالصل المعتبر في جميع الشرائع المأثورة عن الأنبياء عليهم السلام فقال :( اعبدوا الله ) أي الذي يستحق العبادة لذاته بما له من السماء الحسنى والصفات العلى ولما كان المراد إفراد بالعبادة لأنه لا يقبل الشرك لأنهغني، علل ذلك بقوله :( ما لكم ( وأغرق في النفي بقوله :( قد جاءتكم ) أي على يدي صحة دعواه في نفسها وصدقة في دعوى الرسالة بقوله :( قد جاءتكم ) أي على يدي ) بينه ( ولما كنا عالمين من قوله النبي ( ﷺ ) الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضى الله عنهما ( من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ) أن هذه البينة معجزة، مثلها كاف في صحة الدعوى ولم تدع ضرورة إلى ذكرها لنا، لو تعن ؛ ثم زادهم ترغيباً بقوله :( من ربكم ) أي الذي لم تروا إحساناً إلا منه ولما كان إتيانه بالبينات سبباً لوجوب امتثال أمره، قال مسبباً عنه :( فأوفوا الكيل ) أي و المكيال والوزن ) والميزان ) أي ابذلوا ما تعطون بهما وافياً فالآية من الاحتباك، وكان المحكي عنه هنا من اوئل قوله لهم فترك التاكيد الرافع لمجاز المقاربة بذكر القسط ولما كان الأمر بالوفاء يتضمن النهي عن البخس، صريح به على وجه يعم غيره