صفحة رقم ٦٩
على الله تعالى بالعود إلى ملتهم بقوله مستأنفاً افخبار لمن تشوف إلى علم ما كان منه بعد هذا الكلام اللين وتوقع غيره :( قد افترينا ) أي تعمدنا الآن بما نقوله لكم، أي من أن الله حرم الكفر والإقرار عليه ) على الله ) أي الذي له جميع العظمة ) كذباً ويجوز أن يكون تنويه للتعظيم، ويجوز أن يكون للتحقير، ولكل وجه يدعو إليه المقام لا يخفى ) إن عدنا ) أي ساعة من الدهر ) في ملتكم ) أي بسكوتنا أو بسكوتي وكفر من كان ممن تبعني كافراًُ ) بعد إذ نجانا الله ( اي الملك العلى خارقاً للعادة بما كنا جديرين بالانغماسفيه متابعة للآباء والأجداد والعشيرة بما له من القدرة والعظمة ) منها ( اي إن فعلنا ذلك فقد ارتكبنا أقبح القبائح على بصيرة منا بذلك، فهوتعليق على محال عادة وهو من وادي قول الأشتر النخعي.
بقّيت وفري وانحرفت عن العلى ولقيت أضيافي بوجه عبوس إن لم أشنَّ على ابن هند غارة لم تخل يوماًمن نهاب نفوس
غير ان المعلق في البيت تقديري، وفي الآية تحقيقي، لأنهم أخبروهم أن الله تعالى نهى عن الكفر وامرهم بإنذار كل كافر، فمتى تركوا ذلك لزمهم الكذب حتماً ) وما يكون لنا ) أي يصح وما يتفق ) أن نعود فيها ( اي ملكتم. ولما كان الله سبحانه ان يفعل ما يشاء لا واجب عليه ولا قبيح منه، أشار إلى ذلك بقوله :( إلا يشاء الله ( فذكر اسم الذات إشارة إلى أن له جميع الحمد لذاته ؛ ثم ذكر صفه الإحسان عياذاً من أن يراد بهم الهوان فقال :( ربنا ) أي خرق العادة فله ذلك، فهو من باب التذكر للمخاوف والإشراف على إمكان سوء العواقب للصدق في التضرع إلى الله تعالى والالتجاء إليه والاستعاذه من مكره، ولذلك اتى باسم الجلالة الجامع لجميع معاني السماء الحسنى وصفة الربوبية الملتمس بذكرها فعل ما يفعل لمربي الشفيق، فكأنه قال : إن عودنا في ملتكم غير ممكن عادة، والمحال عادة لا يقدر عليه إلا بقدر من الله، بل ولا توجه الهمم إليه، والله تعالى أكرام من ان يعود فيما وهبة لنا من هذا الأمر الجليل، وينزع عنا هذا اللباس الجميل، وهو صريح في ان الكفر يكون بمشيئة الله، بل ولا يكون إلا بمشيئة، وقوله :( وسع ربنا ) أي المحسن إلينا ) كل شيء علماً ( زيادة في حث أمته على الالتجاء والتبري من الحول والقوة، أي لا علم لنا بخواتم العمال والعلم لله فهو التام العلم الكامل القدرة، فهذه الجملة كالتعليل للتعليق بالمشيئة قطعاً - لما عساه أن يحدث من طمع المخاطبين في عودخم، كانه قيل : وإنما علقنا العود بالمشيئة لنقص علومنا، فربما كان في سعة علمه قسم ثالث، وهو أن نكون في القرية على ديننا وتكونون أنتم أو لا، أو توافقوننا على ما نحن عليه، وهكذا