صفحة رقم ٨٣
والسحر على وجوه كثيرة، منه الأخذ بالعين، ومنه الأخذ بالعين، ومنه ما يفرق به بين المرء وزوجه، ومنه غير ذلك، وأصله ماخوذ من التعليل بالباطل وقلب المر عن وجهه كما ذكرنا من لغة العرب.
ولما تناهى الأمر واشتد التشوق إلى ما صنغ موسى عليه السلام، قال معلماً عنه عطفاً على ) وجاءو ( :( واوحينا ) أي مظهرين لعظمتنا على رؤوس الأشهاد بما لا يقدر أحد أن يضاهيه ) إلى موسى أن ألق عصاك ) أي فالقاها ) فإذا هي ( من حين إلقائه لها ) تلقف ) أي تلتقم التقاماً حقيقياً شديداً سريعاً جداً بما دل عليه حذف التاء، ودل على كثرة ما صنعوا بقوله :( ما يأفكون ) أي يجدرون حين إلقائهم في نزويره وقلبه عن وجهه، فابتلعت ما كان ملء الوادي من الصيّ والحبال، ثم أخذها موسى عليه السلام فإذا هي كما كانت لم يزيد شيء من مقدارها على ما كانت عليه، وفي هذا السياق المعلم بتثبت موسى السلام بعد عظيم ما رأى من سحرهم إلى الإيحاء إليه بيان لأدبه عليه السلام في ذلك المقام الضنك وسكونه تحت المقاربة مع مرسله سبحانه إلى بروز أوامره الشريفة.
الأعراف :( ١١٨ - ١٢٤ ) فوقع الحق وبطل.....
) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ( ( )
ولما علم ان ما صنعوه إنما هم خيال، وما صنعه موسى عليه السلام أثبت من الجيال، سبب معقباً قوله :( فوقع الحق ) أي الذي لا شيء أثبت منه، فالواقع يطابقه لأن باطن الأمر مطابق لما ظهر منه من ابتلاعها لأمتعتهم فلإخبار عنه صدق، وفيه تنبيه على أن فعلهم إنما هو خيال بالنسبة إلى ظاهر الأمر، وأما في الباطن والواقع فلا حقيقة له، فالأخبار عن تحريك ما القوه كذب.
ولما أخبر عن ثبات الحق، أتبعه زوال الباطل فقال :( وبطل ( بحيث عدم أصلاً ورأساً ) ما كانوا يعملون ( فدل بكان والمضارع على أنهم - مع بطلان ما عملوا - نسوا عملهم بحيث إنه أسند عليهم باب العمل بعد أن كان لهم به ملكة كملكة ما هو كالجبلة - والله أعلم ؛ ثم سبب عن هذا قوله :( فغلبوا هنالك ) أي عند هذا الأمر العظيم العالي الرتبه ) وانقلبوا ) أي جزاء على قلبهم لتلك الحقائق عن وجوهها حال كونهم ) صاغرين ) أي بعد أن كانوا - عند أنفسهم ومن يقول بقولهم وهوالأغلب -


الصفحة التالية
Icon