صفحة رقم ١١٠
بين العباب والمحكم : سبحان الله معناه تنزيهاً لله من الصحابة والولد، وتبرئة من السوء - هذا معناه في اللغة وبذلك جاء الأثر عن النبي ( ﷺ )، قال سيبويه : زعم أبو الخطاب أن ( سبحان الله ) كقولك براءة الله من السوء، كأنه يقول : أبرىء براءة الله من السوء، وزعم أن مثل ذلك قول الأعشى :
اقول لما جاءني فخره سبحان من علقمه الفاخر
أي براءة منه، وبهذا استدل على أن سبحان معرفة إذ لو كان نكرة لانصرف، قال : وقد جاء في الشعر منوناً نكرة، قال أمية :
سبحانه ثم سبحاناً يعود له وقبلنا سبح الجودي والجمد
وقال ابن جني : سبحان اسم علم لمعنى البراءة والتنزيه بمنزلة عثمان وحمران، اجتمع في سبحان التعريف والألف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف - انتهى.
وقال الزجاج : جاء عن النبي ( ﷺ ) أن قوله ( سبحان الله ) تبرئة لله من السوء، وأهل اللغة كذلك يقولون من غير معرفة بما فيه من الرواية عن النبي ( ﷺ ) قال : ولكن تفسيره يجمعون عليه، وقد سبح الرجل : قال سبحان الله، وفي التنزيل
٧٧ ( ) كل قد علم صلاته وتسبيحه ( ) ٧
[ النور : ٤١ ] وسبح لغة في سبّح، وحكى ثعلب : سبح تسبيحاً وسبحاناً، قال ابن سيده : وعندي أنا سبحاناً ليس مصدراً لسبّح، إنما هو مصدر سبح، وقال النصر : سبحان الله معناه السرعة إليه والخفة في طاعته، وسبوحه - بفتح السين : البلد الحرام، وسباح علم الأرض الملساء عند معدن بني سليم، وسبحات وجه الله : أنواره، والسبحة : الدعاء، وأيضاً صلاة التطوع - انتهى.
وكله راجع إلى الإبعاد عن السوء، والسبحان : النفس، وكل أحد يبرىء نفسه ويرفعها عن السوء.
ولما أوضح أبطال ما تعتنوا به من قولهم ( لو أنزل عليه كنز ) أتبعه ما يوضح تعنتهم في قولهم ) أو جاء معه ملك ( بذكر المرسلين، وأهل السبيل المستقيم، الداعين إلى الله على بصيرة، فقال :( وما أرسلنا ) أي بما من العظمة.
ولما كان الإرسال لشرفة لا يتأتى على ما جرت به الحكمة في كل زمن كما أنه لا يصلح للرسالة كل أحد، وكان السياق لإنكار التأييد بملك في قوله ) أو جاء معه ملك ( كالذي في النحل، لا لأنكار رسالة البشر، أدخل الجار تنبيهاً على ذلك فقال :( من قبلك ) أي إلى المكلفين ) إلا رجالا ) أي مثل ما أ نك رجل، لا ملائكة ولا إناثاً - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، والرجل مأخوذ من المشي على الرجل ) نوحي إليهم ) أي بواسطة الملائكة مثل


الصفحة التالية
Icon