صفحة رقم ١٢٠
فالذين تطمئن قلوبهم بذكر الله هم أولوا الألباب المتذكرون التامو الإيمان وهم القليل المشار إليهم في قوله تعالى
٧٧ ( ) وقليل ما هم ( ) ٧
[ ص : ٢٤ ] والمقول فيهم
٧٧ ( ) أولئك هم المؤمنون حقاً ( ) ٧
[ الأنفال : ٤ ] ودودن هؤلاء طوائف من المؤمنين ليسوا في درجاتهم ولا بلغوا يقينهم، وإليهم الإشارة بقوله :
٧٧ ( ) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( ) ٧
[ يوسف : ١٠٦ ] قال عليه الصلاة والسلام ( الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل ) فهذا بيان ما أجمل في قوله ) وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( وأما قوله تعالى :
٧٧ ( ) أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله ( ) ٧
[ يوسف : ١٠٧ ] فما عجل لهم من ذلك في قوله :( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً م دارهم حتى يأتي وعد الله ( القاطع دابرهم، والمستأصل لأمرهم، وأما قوله تعالى :
٧٧ ( ) قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة ( ) ٧
[ يوسف : ١٠٨ ] الآية، فقد أوضحت آي سورة الرعد سبيله عليه السلام بينه بما تحمليته من عظيم التنبيه وبسط الدلائل بما في السماوات والأرض وما بينهما وما في العالم بجملته وما تحمله الكتاب المبين - كما تقدم، ثم قد تعرضت السورة لبيان جليّ سالكي تلك السبيل الواضحة المنجية فقال تعالى :
٧٧ ( ) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ( ) ٧
[ الرعد : ٢٠ ] إلى آخر ما حلاهم به أخذاً وتركاً، ثم عاد الكلام بعد إلى ما فيه من التنبيه والبسط وتقريع الكفار وتوبيخهم وتسليته عليه السلام في أمرهم
٧٧ ( ) إنما أنت منذر ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية ( ) ٧
[ الرعد : ٣٨ ]،
٧٧ ( ) فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ( ) ٧
[ الرعد : ٤٠ ]
٧٧ ( ) ويقول الذين كفروا لست مرسلاً ( ) ٧
[ الرعد : ٤٣ ]، والسورة بجملتها غير حائدة عن تلك الأغراض المجملة في الآيات الأربع المذكورات من آخر سور يوسف، ومعظم السورة وغالب آيها في التنبيه وبسط الدلالات والتذكير بعظيم ما أودعت من الآيات ؛ ولما كان هذا الشأن أعقبت بمفتتح سور إبراهيم عليه السلام - انتهى.
فلما أثبت سبحانه لهذا الكتاب أنه المختص بكونه حقاً فثبت أنه عظم الأدلة والآياتن شرع يذكر ما أشار إليه بقوله :( وكأين من آية ( من الآيات المحسوسة الظاهرة الدالة على كون آيات الكتاب حقاً بما لها في أنفسها من الثبات، والدلالة بما لفاعلها من القدرة والاختيار - على أنه قادر على كل شيء، وأن ما أخبر به من البعث حق لما له من الحكمة، والدالة - بما للتعبير عنها من الإعجاز - على كونها من عند الله، وبدأ بما بدأ به في تلك من آيات السماوات لشرفها ولأنها أدل، فقال :( الله ) أي الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال وحده ) الذي رفع السماوات ( بعد أيجادها من عدم - كما أنتم بذلك مقرون ؛ والرفع : وضع الشيء في جهة العلو سواء كان بالنقل أو بالاختراع، كائنه ) بغير عمد ( جمع عماد كأهب وإهاب أو عمود، والعمود : جسم