صفحة رقم ١٨٢
الباطل ) فأخلفتكم ( فلم أقل شيئاً إلا كان زيغاً، فاتبعوني مع كوني عدوكم، وتركتم ربكم وهو ربكم ووليكم ؛ فالآية من الاحتباك : ذكر ) وعد الحق ( أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً، و ) أخلفتكم ( ثانياً دليلاً على حذف ( صدقكم ) أولاً.
ولما بين غروره، بين سهولة اغترارهم زيادة في تنديمهم فقال :( وما كان ( لي إليكم في ذلك من ذنب لأنه ما كان ) لي عليكم ( وأبلغ في النفي فقال :( من سلطان ) أي تسلط كبير أو صغير بشيء من الأشياء ) إلا أن ) أي بأن ) دعوتكم ( بالوسوسة التي كانت سبباً لتقوية دواعيكم إلى الشر ) فاستجبتم ) أي أوجدتم الإجابة إيجاد من هو طالب لها، راغب فيها ) لي ( محكمين الشهوات، معرضين عن مناهيج العقول ودعاء النصحاء، ولو حكمتم عقولكم لتبتعم الهداة لما في سبيلهم من النور الداعي إليها وما في سبل غيرهم من الظلام السادّ لها، والمهالك الزاجرة عنها دنيا وأخرى، وساقه على صورة الاستثناء - وإن لم يكن دعاءه من السلطان في شيء - لأن السلطان أخص من البرهان إذ معناه برهان يتسلط به على إبطال مذهب الخصم إشارة إلى أنهم تبعوه ولا قدرة له على غير هذا الدعاء الذي لا سلطان فيه، وتركوا دعاء من أنزل إليهم من كل سلطان مبين، مع تهديدهم بما هو قادر على عليه وضربهم ببعضه، وفاعل مثل ذلك لا لوم له على غير نفسه ) فلا ) أي فاذ قد تقرر هذا تسبب عنه أني أقول لكم : لا ) تلوموني ولوموا أنفسكم ( لأنكم مؤاخذون بكسبكم، لأنه كانت لكم قدرة واختيار فاخترتم الشر على الخير، وعلم منه قطعاً أن كلاًّ منا مشغول عن صاحبه بما جزي به، فعلم أني ) ما أنا بمصرخكم ) أي بمغيثكم فيما يخصكم من العذاب، فآتيكم بما يزيل صراخكم منه ) وما أنتم بمصرخي ( فيما يخصني منه لتقطع الأسباب، بما دهى من العذاب، ثم علل ذلك بقوله :( إني كفرت ( مستهيناً ) بما أشركتمون ) أي باتخاذكم لي شريكاً مع الله.
ولما كان أشراكهم لم يستغرق الزمان، أتى بالجار فقال :( من قبل ( لأن ذلك ظلم عظيم، ثم علل هذه العلة بقوله :( إن الظالمين ) أي العريقين في هذا الوصف ) لهم عذاب أليم ( مكتوب لكم منهم مقداره، لا يغني أحد منهم عن الآخر شيئاً، بل كل مقصور على ما قدر له، وحكاية هذه المحاورة لتنبيه السامعين على النظر في العواقب والاستعداد لذلك اليوم قبل أن لا يكون إلا الندم وقرع السن وعض اليد.
ولما ذكر الظالمين.
أتبعه ذكر المؤمنين، فقال بانياً للمفعول لأن الدخول هو المقصود بالذات :( وأدخل ( والإدخال : النقل إلى محيط - هذا أصله ) الذين آمنوا ) أي أوجدوا الإيمان ) وعملوا الصالحات ) أي تصديقاً لدعواهم الإيمان ) جنات تجري (