صفحة رقم ٢٦٤
بقوله :( كذلك ) أي مثل هذا الجزاء العظيم ) يجزي الله ) أي الذي له الكمال كله ) المتقين ) أي الراسخين في صفة التقوى، ثم حث على ملازمة التقوى بالتنبيه على أن العبرة بحال الموت، فقال تعالى :( الذين تتوافّاهم ) أي تقبض أرواحهم وافية من نقص شيء من الروح أو المعاني - بما أشار إليه إثبات التاءين والإظهار ) الملائكة طيبين ) أي طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر متحلين بحلية الإيمان، فكأنه قيل : ماذا تقول لهم الملائكة ؟ فقيل :( يقولون ) أي مكررين للتأكيد تسكيناً لما جبلوا عليه من تعظيم جلال الله بالتقوى ) سلم عليكم ( ويقال لهم لتحقيق فوزهم ) ادخلوا الجنة ) أي دار التفكه التي لا مثل لها ) بما كنتم ) أي جبلة وطبعاً ) تعلمون ( ترغيباً لهم في الأعمال التي لا يستطعونها إلا برحمة الله لهم بتوفيقهم لها.
النحل :( ٣٣ - ٣٥ ) هل ينظرون إلا.....
) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( ( )
ولما أخبر تعالى عن أحوال الكفار السائلين في نزول الملائكة بعد أن وهىّ شبههم، وأخبر عن توفي الملائكة لهم ولأضدادهم المؤمنين، مشيراً بذلك إلى أن سنته جرت بأنهم لا ينزلون إلا لإنزال الروح من أمره على من يختصه لذلك أو لأمر فيصل لا مهلة فيه، قال منكراً عليهم :( هل ينظرون ) أي هؤلاء الكفار في تقاعسهم عن تصديق الرسل في الإخبار بما أنزل ربهم، وجرد الفعل إشارة إلى قرب ما ينتظرونه ) إلا أن تأتيهم ) أي بأمر الله ) الملائكة ( وهم لا يأتونهم إلا بمثل ما أتوا به من قبلهم ممن قصصنا أمرهم من الظالمين إن لم يتوبوا ) أو يأتي أمر ربك ) أي المحسن إليك المدير لأمرك بأمر يفصل النزاع من غير واسطة ملك أو غيره.
ولما كان هذا أمراً مفزعاً، كان موجباً لمن له فهم أن يقول : هل فعل هذا أحد غير هؤلاء ؟ فقيل : نعم ) وكذلك ) أي مثل هذا الفعل البعيد لبشاعته عن مناهج العقلاء، مكراً في تدبير الأذى، واعتقاداً وقولاً ) فعل الذين ( ولما كان الفاعلون مثل أفعالهم في التكذيب لم يستغرقوا الزمان، أدخل اجار فقال تعالى :( من قبلهم وما ) أي والحال أنه ما ) ظلمهم الله ) أي الذي له الكمال كله في تقديره ذلك عليهم، لأنه المالك المطلق التصرف والملك الذي لا يسأل عما يفعل ) ولكن كانوا ) أي جبلة


الصفحة التالية
Icon