صفحة رقم ٢٨٠
تعالى :( وإذا ) أي جعلوا كذا والحال أنه إذا ) بشر أحدهم ( ولما تعين وزال المحذور، جمع بين الخساستين كما بين آخر الصافات فقال تعالى :( بالأنثى ) أي قابل هذه البشرى التي تستحق السرور بحصول نسمة تكون سبباً لزيادة هذا النوع، وقد تكون سبب سعادته، دالة على عظمة الله - بضد ما تستحق مما لا يفيده شيئاً بأن ) ظل وجهه ( وكنى عن العبوس والتكدر والغبرة بما يفوز فيه من الغيظ بقوله تعالى :( مسوداً ) أي من الغم والكراهة، ولعله اختير لفظ ( ظل ) الذي معناه العمل نهاراً وإن كان المراد العموم في النهار وغيره دلالة على شهرة هذا الوصف شهرة ما يشاهد نهاراً ) وهو كظيم ( ممتلئ غيظاً على المرأة ولا ذنب لها بوجه، والبشارة في أصل اللغة : الخبر الذي يغير البشرة من حزن أو سرور، ثم خص في عرف اللغة بالسرور، ولا تكون إلا بالخبر الأول، ولعله عبر عنه بهذا اللفظ تنبيهاً على تعكيسهم للأمور في جعلهم وسرورهم وحزنهم وغير ذلك من أمرهم.
النحل :( ٥٩ - ٦١ ) يتوارى من القوم.....
) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ( ( )
ولما كان سواد الوجه والكظم قد لا يصحبه الخزي، وصل به قوله تعالى :( يتوارى ) أي يستخف بما يجعله في موضع كأنه الوراء لا اطلاع لأحد عليه ) من القوم ) أي الرجال الذين هو فيهم ) من سوء ما بشر به ( لعده له خزياً، ثم بين ما يلحقه من الحيرة في الفكر عند ذلك بقوله تعالى :( أيمسكه على هون ) أي ذلك وسفول أمر، ولما كانوا يغيبون الموءودة في الأرض على غير هيئة الدفن، عبر عنه بالدس فقال تعالى :( أم يدسه في التراب ( قال ابن ميلق : قال المفسرون : كانت المرأة إذا أدركها المخاض احتفرت حفية وجلست على شفيرها، فإن وضعت ذكراً أظهرته، وظهر السرور أهله، وإن وضعت أنثى استأذنت مستولدها، فإن شاء أمسكها على هون وإن شاء أمر بإلقائها في الحفيرة ورد التراب عليها وهي حية لتموت - انتهى.
قالوا : وكان الوأد في مضر وخزاعة وتميم.
ولما كان حكمهم هذا بالغاً في القباحة، وصفه بما يستحقه فقال مؤكداً لقبحه :( ألا ساء ما يحكمون ) أي بجعل ما يكرهونه لمولاهم الذي لا نعمة عندهم إلا منه، وجعل ما يختارونه لهم خاصاً بهم.


الصفحة التالية
Icon