صفحة رقم ٣١٦
وعلى بعضها، وأن يقبل الصالح كله، وأن يرد بعضه، أشار إلى ذلك بالجار فقال تعالى :( من بعدها ) أي هذه الأفعال الصالحة الواقعة بعد تلك الفاسدة وهي الفتنة ) لغفور ) أي بليغ المحو للذنوب ) رحيم ) أي بليغ الإكرام فهو يغفر لهم ويرحمهم.
النحل :( ١١١ - ١١٣ ) يوم تأتي كل.....
) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ( ( )
ولما تقدم كثير من التحذير والتبشير، وتقدم أنه لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون، وختم ذلك بانحصار الخسار في الكفار، بيَّن اليوم الذي تظهر فيه تلك الآثار، ووصفه بغير الوصف المقدم باعتبار المواقف، فقال تعالى مبدلاً من ) يوم نبعث من كل أمة شهيداً ( ) يوم تأتي ) أي فيه ) كل نفس ) أي إنسان وإن عظم جرمها ) تجادل ) أي تعتذر، وعبر بالمجادلة إفهاماً للذفع بأقصى ما تقدر عليه، وأظهر في قوله :( عن نفسها ) أي ذاتها بمفردها لا يهمها غير ذلك لما يوهم الإضمار من أن كل أحد يجادل عن جميع الأنفس.
ولما كان مطلق الجزاء مخوفاً مقلقاً، بنى للمفعول قوله :( وتوفَّى كل نفس ( صالحة وغير صالحة ) ما عملت ) أي جزاء من جنسه ) وهم ( ولما كان المرهوب مطلق الظلم، وكان البناء للمفعول أبلغ جزاء في نفيه قال تعالى :( لا يظلمون ) أي لا يتجدد عليهم ظلم لا ظاهراً ولا باطناً، ليعلم بإبدال ( يوم ) من ذلك المتقدم أن الخسارة بإقامة الحق عليهم لا بمجرد أسكاتهم.
ولما عقب سبحانه ما ضرب سابقاً من الأمثال بقوله تعالى ) ورزقكم من الطيبات ( وتلاه بذكر الساعة بقوله تعالى :( وما أمر الساعة ( إلى آخره، واستمر فيما مضت مناسباته آخذاً بعضه بحجز بعض حتى ختم بالساعة وآمن من الظلم فيها، وبن أن الأعمال هناك هي مناط الجزاء، عطف على ما مضى - من الأمثال المفروضة المقدرة المرغبة - مثلاً محسوساً موجوداً، مبيناً أن الأعمال في هذه الدار أيضاً مناط الجزاء، مرهباً من المعاجلة فيها بسوط من العذاب فقال تعالى :( وضرب الله ) أي الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً لكم أيها المعاندون ) مثلاً قرية ( من قرى الماضين التي تعرفونها كقرية هود أو صالح أو لوط أو شعيب عليهم السلام كان حالها كحالهم، وعن