صفحة رقم ٣٢
ففتحه وأراد الخروج فمنعته ) و ( لم تزل تنازعه حتى ) قدت قميصه ( وكان القد ) من دبر ) أي الناحية منه، وانقطعت منه قطعة فبقيت في يدها ) وألفيا ) أي وجدا مع ما بهما من الغبار والهيئة التي لا تليق بهما ) سيدها ) أي زوجها، ولم يقل : سيدهما، لأن يوسف عليه الصلاة والسلام لم يدخل في رق - كما مضى - لأن المسلم لا يملك وهو السيد ) لدا ) أي عند ذلك ) الباب ) أي الخارج، على كيفية غريبة جداً، هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام لأن السيد لا يقدر على فتحه فضلاً عن الوصول إلى غيره لتغليق الجميع.
ولما علم السامع أنهما ألفياه وهما على هذاه الحالة كان كأنه قيل : فما اتفق ؟ فقيل :( قالت ( مبادرة من غير حياء ولا تلعثم ) ما ( نافية، ويجوز أن تكون استفهامية ) جزاء من أراد ) أي منه ومن غيره كائناً من كان، لما لك من العظمة ) بأهلك سوءاً ) أي ولو أنه غير الزنا ) إلا أن يسجن ) أي يودع في السجن إلى وقت ما، ليحكم فيه بما يليق ) أو عذاب أليم ) أي دائم ثابت غير السجن ؛ والجزاء : مقابلة العمل بما هو حقه، هذا كان حالها عند المفاجأة، وأما هو عليه الصلاة والسلام فجرى على سجايا الكرام بأن سكت ستراً عليها وتنزهاً عن ذكر الفحشاء، فكأنه قيل : فماذا قال حين قذفته بهذا ؟ فقيل ) قال ( دافعاً عن نفسه لا هاتكاً لها ) هي ( بضمير الغيبة لاستيحائه عن مواجهتها بإشارة أو ضمير خطاب ) راودتني عن نفسي ( وما قال ذلك إلا حين اضطرته إليه بنسبته إلى الخيانة، وصدقه لعمري فيما قال لا يحتاج إلى بيان أكثر من الحال الذي كانا فيه، وهو أنهما عند الباب، ولو كان الطلب منه لما كانا إلا في محلها الذي تجلس فيه، وهو صدر البيت وأشرف موضع فيه ) وشهد ( ولما كان كل صالح للشهادة كافياً، فلم تدع ضرورة إلى تعيينه، قال :( شاهد ) أي عظيم ) من أهلها ( لأن الأهل أعظم في الشهادة، رضيع براءته - نقله الرماني عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما وسعيد ابن جبير، كما شهد للنبي ( ﷺ ) في حجة الوداع صبي من أهل اليمامة يوم ولد بأنه رسول الله، فكان يدعي : مبارك اليمامة.
فقال ذلك الشاهد ) إن كان ) أي حال المراوغة ) قميصه ) أي فيما يتبين لكم ) قدَّ ) أي شق شقاً مستاصلاً ) من قبل ) أي من جهة ما أقبل من جسده ) فصدقت ( ولا بد من تقدير فعل التبين، لأن الشروط لا تكون معانيها إلا مستقبلة ولو كانت ألفاظها ماضية.
ولما صدقها ليس قاطعاً في منع صدقه، قال :( وهو من الكاذبين ( لأنه لولا إقباله - وهي تدفعه عنها أو تهرب منه وهو يتبعها ويعثر في قميصه - ما كان القد من القبل ) وإن كان ) أي فيما يظهركم لكم ) قميصه ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام ) قد


الصفحة التالية
Icon