صفحة رقم ٣٤
كان مظنة لميله لتوف رالدواعي على الميل إليه، فقال تعالى ) وقال نسوة ) أي جماعة من النساء لما شاع الحديث، ولما كانت البلدة كلما عظمت كان أهلها أعقل وأقرب إلى الحكمة، قال :( في المدينآ ) أي التي فيها امرأة العزيز ساكنة ) امرأت العزيز ( فأضفتها إلى زوجها إرادة الإشاعة للخبر، لأن النفس إلى سماع أخبار أولي الأخطار أميل، والعزيز : المنيع بقدرته من أن يضام، فالعزة أخص من مطلق القدرة، وعبرن بالمضارع في ) تراود فتاها ) أي عبدها نازلة من افتراش العزيز إلأى افتراشه ) عن نفسه ( إفهاما لأن الإصرار على المراودة صار لها كالسجية، والفتى : الشاب، وقيده الرماني بالقوي، قال : وقال الزجاج : وكانوا يسمون المملوك فتى شيخا كان أو شابا ففيه اشتراك على هذا ) قد شغفها ( ذلك الفتى ) حبا ) أي من جهة الحب، قال الرماني : شغاف القلب غلافه، وهو جلدة عليه، يقال : دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب، عن السدى وأبي عبيدة وعن الحسن أنه باطن القلب، وعن أبي علي : وسط القلب - انتهى. والذي قال في المجمل وغيره أنه غلاف القلب، وأحسن من توجيه أبي عبيدة له أن حبه صار شغافا لها، أي حجابا، أ ] ظرفا محيطا بها، وأما شغفها - بالمهملة فمعناه : غشى شغفه قلبها، وهي رأسه عند معلق النياط، وقال الرماني : أي ذهب بها كل مذهب، من شغف الجبال، وهي رؤوسها.
ولما قيلف ذلك، كان كأنه قد قيل : فكان ماذا ؟ فقيل - وأكد لأن من رآه عذرها وقطع بأنهن لو كن يفي محلها عملن عملها ولم يظللن فعلها :( إنا لنراها ) أي نعلم أمرها علما هو كالرؤية ) في ظلال ) أي محيط بها ) مبين ( لرضاها لنفسها بعد عز السيادة بالسفول عن رتبة العبد، ودل بالفاء على أن كلامهن نقل إليها بسرعة فقال ) فلما سمعت ) أي امرأة العزيز ) بمكرهن ( وكأنهن أردن بهذا الكلام أن يتأثر عنه ما فعلت امرأة العزيز ليرنيه، فلذلك سماه مكرا ) أرسلت إليهن ( لتريهن ما يعذرنها بسببه فتسكن قالتهن ) واعتدت ) أي هيأت وأحضرت ) لهن متكئا ( اي ما يتكئن عليه من الفرش اللينة والوسائد الفاخرة، فأتينها فأجلستهن على ما أعدته لهن ) وأتت كل واحدة ( على العموم ) منهن سكينا ( ليقطعن بها ما يحتاج إلأى القطع مما يحضر من الأطعمة يفي هذا المجلس، قال أبو حيان : فقيل : كان لحما، وكانوا لا ينهشون اللحم، إنما كانوا يأكلونه حزا بالسكاكين، وقال الرماني : ليقطعن فاكهة قدمت إليهن. انتهى، هذا اغلظاهر من علة إتيانهن وباطنة إقامة الحجة عليهن بما لا يجدن له مدفعا مما يتأثر عن ذلك ) وقالت ( ليوسف فتاها عليه الصلاة والسلام ) اخرج عليهن ( فامتثل له ما أمرته به كما هو دأبه معها في كل ما لا معصية فيه، وبادر الخروج عليهن ) فلما رأينه (


الصفحة التالية
Icon