صفحة رقم ٣٥
أي النسوة ) أكبرنه ) أي أعظمن يوسف عليه الصلاة والسلام جدا إعظاما كرهن ) وقطعن ) أي جرحن جراحات كثيرة ) أيديهن ( وعاد لومهن عذرا، والتضعيف يدل على التكثير، فكأن السكين كانت تقع على يد إحداهن فتجرحها فترفعها عن يدهابطبعها، ثم يغلبها الدهس فتقع على موضع آخر وهكذا ) وقلن حاش ) أي تنزيها عظيما جدا ) لله ) أي الملك الأعلى الذي له صفات الكمال التي خلق بها مثل هذا.
ولما كان المراد بهذا التنزيه تعظيمه، بينه بقولهن ) ما هذا بشرا ( لأنه فاق الشر في الحسن جدا، وأعرض عن الشهوة من غير علة نراها مانعة له لأنه في غاية القوة والفحولية، فكأنه قيل : فما هو ؟ فقلن :( إن ) أي ما هذا ) هذا ) أي في هذا الحسن والجمال، وأعدن الإشارة دفعا لإمكان الغلط ) إلا ملك كريم ( وذلك لما ركز في الطباع من نسبة كل معنى فائق إلى الملائكة من الحسن والعفة وغيرهما وإن كانال غي مرئيين، كما ركز فيها نسبة ضد ذلك إلى الجن والشياطين، فكأنه قيل : فما قالت لهن امرأة العزيز ؟ فقيل ك ) قالت فذلكن ) أي الفتى العالي جدا ) الذي لمتني فيه (
ولما علمت أنهن عذرنها، قالت مؤكدة استلذاذا بالتهتك في حبه ) ولقد ) أي أقول هذا الحال أني والله لقد تحقق أني ) راودته عن نفسه ) أي لأصل إليه بما أريد ) فاستعصم ) أي فأوجد العصمة ولاامتناع علي فاشتد اعتصامه، وما أنا براجعة عنه، ثم توعدته وهو يسمع ليلين، فقالت لهن مؤكدة لأن حالهاحبها يوجب الإنكار لأن تفعل ما يؤذي المحبوةب :( ولئن لم يفعل ) أي هذا الفتى الذي قام عذري عندكن فيه ) ما أمره ) أي أمري ) ليسجنن ) أي ليمنعن من التصرف بالحبس بأيسر سعي مني، ولما كان عزمها على السجن أقوى من العزم على إيقاع الصغار به، أكدتهع بالنون الثقيلة وقالت :( وليكونا ( بالنون الخفيفة ) من الصاغرين ) أي الأذلاء، أو أن الزيادة في تأكيد السجن لأنه يلزم منه إبعاده، وإبعاد الحبيب أولى بإنكار من إهانته، فقال له النسوة : أطعها لئلا تسجنك وتهينك، فكأ، ه قيل : فما قال ؟ فقيل :( قال ( يهتف بمن فنى بشهوده عن كل مشهود، دافعا عن نفسه ما ورد عليه من وسوسة الشيطان يفي أمر جمالها وأمر رئاستها ومالها، ومن النسوة اللاتي نوعن له القول يف يالترغيب والترهيب عالما بأن القوة البشرية تضعف عن حمل مثل هذا إلا بتأييد عظيم، مسقطا للأداة على عادة أهل القرب ) رب السجن ( وهو محيط مانع من الاضطراب فيما خرج عنه ) أحب إلي ) أي أقل بغضا ) ما يدعونني ) أي هؤلاء النسوة كلهن ) إليه ( لما علم من سوء عاقبة المعصية بعد سرعة انقضاء اللذة، وهذه العبارة بدل على غاية البغض لموافقتها، فإن السجن لا يتصور حبه عادة، وإنما المعنى أنه لو كان يتصور الميل إليه كان ميلي إليه أكثر، لكنه ل يتصور الميل إليه لأنه شر محض، ومع ذلك فأنا