صفحة رقم ٣٦
أوثره على ما ندعونني إليه إليه، لأنه أخف الضررين، والحاصل أنه أطلق المحبة على ما يضادها في هذا السياق من البغض بدلالة الالتام، فكأنه قيل : السجن أقل بغضا إلى ما تدعونني إليه، وذلك هو ضد " أحب " الذي معناه أكثر حبا، ولكن حولت العبارة ليكون كدعوى الشيء مقرونا بالدليل، وذلك أنه لما فوضل في المحبة بين شيئين أحدهما مقطوع ببغضه، فهم قطعا أن المراد هو أن بغض حبه أبغض هذا البغيض دون بغض المفضول، فعلم قطعا أن ذلك الذي يظن حبه أبغض من هذا المقطوع ببغضه، وكذا كل ما فوضل بينهما في وصف يمنع من حمله على الحقيقة كون المفضل متحققا بذده - والله الموفق، والدعاء : طلب الفعل من المدعو، وصيغته كصيغة الأمر إلا أن الدعاء لمن فوقك، والأمر لمن دونك ) وإلا تصرف ( أ ] أنت يا رب الآن وفيما يستقبل من الزمان، مجاوزا ) عن كيدهن ) أي ما قد التبس من مكرهن وتدبيرهن الذي يردن به الخبث احتيالا على الوصول إلى قصدهن خديعة وغرورا ) أصب ) أي أمل ميلا عظيما ) إلأيه، ( لما جبل الآدمي عليه من الميل النفساني إلأى مثل ذلك، ومتى انخرق سياج صيانته بواحدة تبعها أمثالها، واتسع الخرق على الرافع، ولذلك قال :( وأكن ) أي كونا هو كالجبلة ) من الجاهلين ) أي الغريقين في الجهل بارتكاب مثل أفعالهم ) فاستجاب له ربه ) أي أوجد المحسن إليه إيجادا عظيما إجابة دعائه الذي تضمنه هذا الثناء، لأن الكريم يغنيه التلويح عن التصريح - كما قيل :
إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء
وفعل ذلك سبحانه إكراما له وتحقيقا لما سبق من وعده في قوله :( كذلك لتصرف عنه السوء ) [ يوسف : ٢٤ ] للآية ) فصرف عنه كيدهن ( ثم علل ذلكط بقوله :( إنه هو السميع ) أي للأقوال ) العليم ( بالضمائر والنيات، فيجيب ما صح فيه القصد وطاب منه العزم.
يوسف :( ٣٥ - ٣٨ ) ثم بدا لهم.....
) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ( ( )


الصفحة التالية
Icon