صفحة رقم ٣٧٧
يكن عنده ما يعطي وسئل قال : يرزقنا الله وإياكم من فضله - انتهى.
وقد وضع هنا الابتغاء موضع الفقر لأنه سببه، فوضع السبب.
ولما أمر بالجود الذي هو لازم الكرم، نهى عن البخل الذي هولازم اللوم، في سياق ينفر منه ومن الإسراف، فقال ممثلاً بادئاً بمثال الشح :( ولا تجعل يدك ( بالبخل ) مغلولة ) أي كأنها بالمنع مشدودة بالغل ) إلى عنقك ( لا تستطيع مدها ) ولا تبسطها ( بالبذل ) كل بسط ( فتبذر ) فتقعد ) أي توجد كالمقعد، بالقبض ) ملوماً ) أي بليغ الرسوخ فيما تلام بسببه عند الله، لأن ذلك مما نهى عنه، وعند الناس، وبالبسط ) محسوراً ( منقطعاً بك لذهاب ما تقوى به وانحساره عنك، وكل من الحالتين مجاوز لحد الاعتدال.
الإسراء :( ٣٠ - ٣٣ ) إن ربك يبسط.....
) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ( ( )
ولما كان سبب البخل خوف الفقر، وسبب البسط محبة إغناء المعطي، قال مسلياً لرسوله ( ﷺ ) عما كان يرهقه من الإضافة عن التوسعة على من يسأله بأن ذلك إنما هو لتربية العباد بما يصلحهم، لا لهوان بالمضيق عليه، ولا لإكرام للمسوع عليه :( إن ربك ) أي المحسن إليك ) يبسط الرزق لمن يشاء ( البسط لد دون غيره ) ويقدر ) أي يضيق كذلك سواء قبض يده أو بسطها ) ) ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ( ) [ الشورى : ٢٧ ] ولكنه تعالى لا يبلغ بالمبسوط له غاية مراده، ولا بالمقبوض عنه أقصى مكروهه، فاستنوا في إنفاقكم على عباده بسنته في الاقتصاد ) إنه كان ) أي كوناً هو في غاية المكنة ) بعبادة خبيراً ) أي بالغ الخبر ) بصيراً ) أي بالغ البصر بما يكون من كل القبض والبسط لهم مصلحة أو مفسدة.
ولما أتم سبحانه ما أراد من الوصية بالأصول وما تبع ذلك، وختمه بما قرر من أن قبض الرزق وبسطه منه من غير أن ينفع في ذلك حيلة، أوصاهم بالفروع، لكونهم في غاية الضعف وكانوا يقتلون بناتهم خوف الفقر، وكان اسم البنت قد صار عندهم لطول ما استهجنوه موجباً للقسوة، فقال في النهي عن ذلك مواجهاً لهم، إعلاماً ببعده صلى


الصفحة التالية
Icon