صفحة رقم ٣٧٩
فحش القتلن وكراهة كل أحد له، وبغض القاتل والنفرة منه، والأخذ على يده، وفي الآخرة بأخذ حقه منه من غير ظلم ولا غفلة، فمن وثق بذلك ترك الإسرافن فإنه لخوف الفوت أو للتخويف من العود.
الإسراء :( ٣٤ - ٣٦ ) ولا تقربوا مال.....
) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ( ( )
ولما نهى عن الإغارة على الأرواح والأبضاع التي هي سببها، أتبعه النهي عن نهب ما هو عديلها، لأن به قوامهان وهو الأموال، وبدأ بأحق ذلك بالنهي لشدة الطمع فيه لضعف مالكه فقال تعالى :( ولا تقربوا ) أي فضلاً عن أن تأكلوا ) مال اليتيم ( فعبر بالقربان الذي هو قبل الأخذ تعظيماً للمقام ) إلا بالتي هي أحسن ( من طرائق القربان، وهو التصرف فيه بالغبطة تثميراً لليتيم ) حتى يبلغ ( اليتيم ) أشده ( وهو إيناس الرشد منه بعد بلوغه.
ولما كانت الوصية نوعاً من أنواع العهد، أمر بوفاء ما هو أعم منها فقال تعالى :( وأوفوا ) أي أوقعوا هذا الجنس في الزمان والمكان، وكل ما يتوقف عليه الأمر المعاهد عليه ويتعلق به ) بالعهد ) أي بسببه ليتحقق الوفاء به ولا يحصل فيه نقص ما، وهو العقد الذي يقدم للتوثق.
ولما كان العلم بالنكث والوفاء متحققاً، كان العهد نفسه كأنه هو المسؤول عن ذلك، فيكون رقيباً على الفاعل به، فقال تعالى مرهباً من المخالفة :( إن العهد كان ) أي كوناً من يتأتى منه السؤال.
ولما كان التقدير بالكيل أو الوزن من جملة الأمانات الخفية كالتصرف لليتيم، وكان الائتمان عليه كالمعهود فيه، أتبعه قوله :( وأوفوا الكيل ) أي نفسه فإنه أمر محسوس لا يقع فيه إلباس واشتباه ؛ ولما كان صالحاً لمن أعطى ومن أخذ، قال :( إذا كلتم ) أي لغيركم، فإن اكتلتم لأنفسكم فلا جناح عليكم غن تقصتم عن حقكم ولم توفوا الكيل ) وزنوا ) أي وزناً متلبساً ) بالقسطاس ) أي ميزان العدل الذي هو أقوم الموازين، وزاد في تأكيد معناه فقال تعالى :( المستقيم ( دون شيء من الحيف على ما مضى في الكيل سواء ) ذلك ) أي الأمر العالي الرتبة الذي أمرناكم به ) خير ( لكم في