صفحة رقم ٣٨٧
الإسراء :( ٤٥ - ٤٦ ) وإذا قرأت القرآن.....
) وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ( ( )
ولما قرر في سياق التوحيد أنهم في الحضيض من الغباوة، التفت إلى سيد أولي الفهم، فقال مشيراً إلى النبوة عاطفاً على ) لا تفقهون ( منبهاً على أنهم لا يفهمون لسان القال فضلاً عن لسان الحال :( وإذا قرأت القرءان ( الذي لا يداينه واعظ، ولا يساويه مفهم، وهو تبيان لكل شيء ) جعلنا ) أي بما لنا من العظمة ) بينك ( وبينهم، ولكنه أظهر هذا المضمر بالوصف المنبه على إعراضهم عن السماع على الوجه لمفهم فقال تعالى :( وبين الذين لا يؤمنون ) أي لا يتجدد لهم إيمان ) بالآخرة ) أي التي هي قطب الإيمان ) حجاباً ( مالئاً لجميع ما بينك وبينهم مع كونه ساتراً لك عن أن يدركوك حق الإدراك على ما أنت عليه ) مستوراً ( عنهم وعن غيرهم، لا يراه إلا من أردنا، وذلك أبلغ في العظمة وأعجب في نفود الكلمة ) وجعلنا ) أي بما لنا من العظمة ) على قلوبهم أكنة ) أي أغطية، كراهة ) أن يفقهوه ) أي يفهموا القرآن حق فهمه ) وفي ءاذانهم وقراً ) أي شيئاً ثقيلاً يمنع سماعهم السماع النافع بالقصور في إدراكهم لا في بيانه، فرؤيتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حال التلاوة غير صحيحة كما أن سمعهم وإدراكهم لما يقرأه كذلك كما قال تعالى ) ) ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ( ) [ البقرة : ٧ ] ) وإذا ذكرت ربك ) أي المحسن إليك وإليهم ) في القرءان ( حال كونه ) وحده ( مع الإعراض عن آلهتهم ) ولوا ( وحقق المعنى وصوره بما يزيد في بشاعته تنفيراً عنه فقال :( على أدبارهم نفوراً ( مصدر من غير اللفظ مؤكد لأنه محصّل لمعناه، أو جمع نافر كقاعد وقعود.
ومادة ( وقر ) بجميع تقاليبها عشر تدور على الجمع كما مضى في آخر يوسف وأول الحجر، فالوقر - بالفتح : ثقل في الأذن أو ذهاب السمع كله - لأن ذلك يوجب اجتماعاً في النفس وسكوناً يحمل على الوقار الذي هو السكينة بفقد بعض ما كان يشعّب الفكر من السمع، ومن ذلك ذلك الوقر - بالكسرك الحمل مطلقاً أو الثقيل، أو لأن الحمل جامع لما فيه والأذن جمعت ما سدها، فكأنه جمع خرقها فصيرها صلداً كالصخرة الصماء لا ينفذ فيها شيء، ولذلك يسمى الطرش الصمم ونخلة موقرة، أي مستجمعة حملاً، واستوقرت الإبل : سمنت أي جمعت الشحم واللحم، ووقر كوعد : جلس - لاستجماع بعض أعضائه إلى بعض، والوقير : القطيع من الغنم أو صغارها أو خمسمائة منها أو عام، أو الغنم بكلبها وحماها وراعيها كالقرة - لاستجماع بعضها إلى البعض، والوقري - محركةك راعي الوقير أو مقتني الشاء وصاحب الحمير وساكنو


الصفحة التالية
Icon