صفحة رقم ٣٩٦
أنتم أهدى سبيلاً، ودينكم خير من دين محمد، وفي الزبور - كما تقدم في أول السورة عن توراة موسى عليه الصلاة والسلام - ألا تتخذوا من دون الله وكيلاً، وذلك من أعظم مقاصد السورة، قال في المزمور الخامس والأربعين بعد المائة : لا تتوكلوا على الرؤساء ولا على بني البشر الذين ليس عندهم خلاص، فإن أرواحهم تفارقهم ويعودون إلى ترابهم، في ذلك اليوم تبطل أعمالهم.
الإسراء :( ٥٦ - ٥٨ ) قل ادعوا الذين.....
) قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ( ( )
ولما أثبت أن شأنه تعالى فعل ذلك وأمثاله من التفضيل والتحويل على حسب علمه وقدرته، ثبت بغير شبهة أن لا مفزع إلا إليه، فأمره ( ﷺ ) آله وسلم تحقيقاً لذلك أن يأمرهم بما يظهر به عجز شركائهم، رداً عليهم في قولهم : لسنا بأهل لعبادته استقلالاً، فنحن نعبد بعض المقربين ليشفع لنا عنده، فقال تعالى :( قل ادعوا الذين ( وأشار إلى ضعف عقولهم وعدم تثبيتهم بالتعبير بالزعم فقال تعالى :( زعمتم ( أنهم آلهة ؛ وبين سفول رتبتهم بقوله تعالى :( من دونه ) أي من سواه كالملائكه وعزير والمسيح والأصنام، ليجلبوا لكم خيراً، أو يدفعوا عنكم ضراً ) فلا ) أي فإن دعوتموهم أولم تدعوهم فإنهم لا ) يملكون كشف الضر ) أي البؤس الذي من شأنه أن يرض الجسم كله ) عنكم ( حتى لا يدعوا شيئاً منه ) ولا تحويلاً ( له من حالة إلى ما هو أخف منها، فضلاً عن أن يبدلوه بحالة حسنة أو يحولوه إلى عدوكم، والآية نحو قوله تعالى :( ) فما يستطيعون صرفاً ولا نصراً ( ) [ الفرقان : ١٩ ] فكيف يتخذ أحد منهم دوني وكيلاً ؟ قالوا : وسبب نزولها شكوى قريش إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما نزل هم من القحط حين دعا عليهم بسبع كسبع يوسف عليه السلام.
ولم ينضب ) يملكون ( لئلا يظن أن النفي مسبب عن الدعاء فيتقيد به.
ولما بين أنه لا ضر لهم ولا نفع، بين أنهم يتسابقون إلى القرب إليه رجاء أن ينفعهم وخوف أن يضرهم فقال تعالى :( أولئك ) أي الذين أعلوا مراتبهم بالإقبال على طاعة الله، وكان المشركون يعلون مراتبهم بتألههم، وعبرعن ذلك واصفاً للمبتدإ بقوله تعالى :( الذين يدعون ) أي يدعوهم الكفار ويتألهونهم ؛ ثم أخبر عن المبتدإ بقوله تعالى :( يبتغون ) أي يطلبون طلباً عظيماً ) إلى ربهم ( المحسن إليهم وحده


الصفحة التالية
Icon