صفحة رقم ٤٤
أدى إلى ظن، فقال :( وقال ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام ) للذي ظن ( مع الجزم بأنه أراد به العلم لقوله :( قضى الأمر (، ويجوز أن يكون ضمير ( ظن ) للساقي، فهو حينئذ على بابه ) انه تاج منهما ( وهو الساقي ) اذكرني عند ربك ) أي سيدك ملك مصر، بما رأيت مني من معالي الأخلاق وطهارة الشيم الدالة على بعدي مما رُميت به، والمراد بالرب هنا غير المراد به في قوله :
٧٧ ( ) أرباب متفرقون ( ) ٧
[ يوسف : ٣٩ ].
فنجا الساقي وصلب صاحبه وفق ما قال لهما يوسف عليه الصلاة والسلام ) فأنساه ) أي الساقي ) الشيطان ) أي البعيد من الرحمة المحترق باللعنه ) ذكر ( يوسف عليه الصلاة والسلام عند ) ربه ) أي بسبب اعتماده عليه في ذلك ) فلبث ) أي يوسف عليه الصلاة والسلام بسبب هذا النسيان ) في السجن ( من حين دخل إلى أن خرج ) بضع سنين ( ليعلم أن جميع الأسباب إنما أثرها بالله تعالى، وحقيقة البضع من الثلاث إلى التسع، والمروي هنا أنه كان سبعاً.
ذكر ما مضى من هذه القصة من التوراة قال بعد ما مضى : فأهبط المدينيون يوسف إلى مصر، فاشتراه قوطيفر الأمير صاحب شرطة فرعون - رجل مصري - من يد الأعراب الذين اهبطوه إلى هناك، فكان الرب سبحانه وتعالى بعونه مع يوسف، وكان رجلاً منجحاً، وأقام في منزل المصري سيده، فرأى سيده أن الرب بعونه معه، وأن الرب ينجح جميع أفعالهن فظفر يوسف منه برحمة ورأفة فخدمه، وسلطه على بيته، وخوله جميع ما له، ومن اليوم الذي سلطه على بيته وخوله جميع ما له بارك الرب في بيت المصري من أجل يوسف وفي سببه، فحلَّت بركة الرب في جميع ما له في البيت والحقل، فخول كل شيء له، ولم يكن يعلم بشيء مما له في يده لثقته به ما خلا الخبز الذي كان يأكله، وكان يوسف حسن المنظر صبيح الوجه.
فلما كان بعد هذه الأمور لمحت امرأة سيده بنظرها إلى يوسف فقالت له : ضاجعني : فأبى ذلك وقال لامرأة سيده : إن سيدي لثقته بي ليس يعلم ما في بيته، وقد سلطني على جميع ما له، وليس في هذا البيت اعظم مني، ولم يمنعني شيئاً ما خلاك أنت لأنك امرأته، فكيف أرتكب هذا الشر العظيم، فأخطئي بين يدي الله، وإذا كانت تراوده كل يوم لم يطعها ليضاجعها ويصير معها، فبينا هو ذات يوم دخل يوسف إلى البيت ليعمل عملاً ولم يكن أحد من أهل البيت هناك، فتعلقت بقميصه وقالت له : ضاجعني، فترك