صفحة رقم ٤٦
حسناً فقال يوسف : رأيت أنا أيضاً في منامي كأن ثلاثة أطباق فيها خبز درمك على رأسي، وفي الطبق الأعلى من كل مآكل فرعون مما يصنعه الخباز - وفي نسخة : عمل طباخ حاذق - وكان السباع والطير تأكلها من الطبق من فوق رأسي ؛ فأجاب يوسف وقال له : هذا تفسير رؤياك : ثلاثة أطباق هي ثلاثة أيام، وبعد ثلاثة أيام يأمر فرعون بضرب عنقك وصلبك على خشبة، ويأكل الطير لحمك.
فلما كان اليوم الثالث ٠ وهو يوم ولاد فرعون - اتخذ فرعون وليمة، فجمع عبيده وافتقد رئيس أصحاب الشراب ورئيس الخبازين - وفي نسخة : الطباخين - فأمر برد رئيس أصحاب الشراب على موضعه، وسقى فرعون الكأس كعادته، وأمر بصلب رئيس الخبازين كالذي فسر لهما يوسف عليهما الصلاة والسلام، فلم يذكر رئيس أصحاب الشراب يوسف عليه الصلاة والسلام ونسيه.
يوسف :( ٤٣ - ٤٤ ) وقال الملك إني.....
) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يأَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ ( ( )
ولما بطل هذا السبب الذي أمر به يوسف عليه الصلاة والسلام، وهو تذكير الشرابي به، اثار الله سبحانه سبباً ينفذ به ما أراد من رئاسته وقضى به من سجود من دلت عليه الكواكب فقال دالاً على ذلك :( وقال الملك ( وهو شخص قادر واسع المقدور إليه السياسه والتدبير، لملاه وهم السحرة والكهنة والحزرة والقافة والحكماء، وأكد ليعلم أنه محق في كلامه غير ممتحن :( إني أرى ( عبر بالمضارع حكاية للحال لشدة ما هاله من ذلك ) سبع بقرات سمان ( والسمن : زيادة البدن من اللحم والشحم ) يأكلهن سبع ) أي بقرات ) عجاف ( والعجف : يبس الهزال ) و ( إني أرى ) سبع ( ولما كان تأويل المنام الجدب والقحط والشدة، أضاف العدد إلى جمع القلة بخلاف ما كان في سياق المضاعفة في قوله ) ) أنبتت سبع سنابل ( ) [ البقرة : ٢٦١ ] فقال :( سنبلات خضر و ( إني أرى سبع سنبلات ) أخر يابسات ( التوت على الخضر فغلبت عليها، وكأنه حذف هذا لدلالة العجاف عليه ؛ والسنبلة : نبات كالقصبة حملة حبوب منتظمة، وكأنه قيل : فكان ماذا ؟ فقيل : قال الملك :( ياأيها الملأ ) أي الأشراف النبلاء الذين تملأ العيون مناظرهم والقلوب مخابرهم ومآثرهم ) أفتوني ) أي أجيبوني وبينوا لي كرماً منكم بقوة وفهم ثاقب.
ولما كان مراده أن لا يخرجوا بالجواب عن القصد ولا يبعدوا به، عبر بما يفهم


الصفحة التالية
Icon