صفحة رقم ٤٦٦
فقيل :( تجري من تحتهم ) أي تحت منازلهم ) الأنهار ( فكأنه قيلك ثم ماذا ؟ فقيل :( يحلون فيها ( وبنى الفعل للمجهول لأن القصد وجود التحلية، وهي لعزتها إنما يؤتي بها من الغيب فضلاً من الله تعالى.
ولما كان الله أعظم من كل شيء، فكانت نعمه لا يحصى نوع منها، قال تعالى مبعضاً :( من أساور ( جمع أسورة جمع سوار، كما يلبس ذلك ملوك الدنيا من جبابرة الكفرة في بعض الأقاليم كأهل فارس.
ولماكان لمقصودها نظر إلى التفضيل والفعل بالاختيار على الإطلاق، وقع الترغيب في طاعته بما هو أعلى من الفضة فقال مبعضاً أيضاً :( من ذهب ) أي ذهب هو في غاية العظمة.
ولما كان اللباس جزاء العمل وكان موجوداً عندهم، أسند الفعل إليهم فقال تعالى :( ويلبسون ثياباً خضراً ( ثم وصفها بقوله تعالى :( من سندس ( وهو ما رقّ من الديباج ) وإستبرق ( وهو ما غلظ منه ؛ ثم استأنف الوصف عن حال جلوسهم فيها بأنه جلوس الملوك المتمكنين من النعيم فقال تعالى :( متكئين فيها ) أي لأنهم في غاية الراحة ) على الأرائك ) أي الأسرع عليها الحجل، ثم مدح هذا فقال تعالى :( نعم الثواب ) أي هو لو لم لها وصف غير ما سمعتم فكيف ولها من الأوصاف ما لا يعلمه حق علمه إلا الله تعالى وإلى ذلك أشار بقوله تعالى :( وحسنت ) أي الجنة كلها، وميز ذلك بقوله تعالى :( مرتفقاً (.
الكهف :( ٣٢ - ٣٧ ) واضرب لهم مثلا.....
) وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لَصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ( ( )
ولما كان إنما محط حال المشركين العاجل، وكان قد تقدم قولهم ) ) أو يكون لك جنة من نخيل وعنب ( ) [ الإسراء : ٩١ ] الآية، وقوله تعالى :( ) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ( ) [ الكهف : ٧ ] الآية، وقوله تعالى : في حق لافقراء المؤمنين الذين تقذروهم ) ) ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ( ) [ الكهف : ٢٨ ] الآية واستمر إلى أن ختم بأن جنات المؤمنين عظيم حسنها من جهة الارتفاق، عطف على قوله تعالى ) ) وقل الحق من ربكم ( ) [ الكهف : ٢٩ ] قوله تعالى كاشفاً بضرب المثل أن ما فيه الكفار من الارتفاق العاجل ليس أهلاً لأن يفتخر به لأنه إلى زوال :( وضرب لهم ) أي لهؤلاء الضعفاء


الصفحة التالية
Icon