صفحة رقم ٥٠٣
الكهف :( ٩١ - ١٠٢ ) كذلك وقد أحطنا.....
) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُواْ يذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُواْ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً فَمَا اسْطَاعُواْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً ( ( )
ولما كان أمره مستغرباً في نفسه وفي الاطلاع عليه لا سيما عند القرب، قال تعالى :( كذلك ) أي أمره كما ذكرنا لكم على سبيل الاقتصار ) وقد أحطنا ( بما لنا من العظمة، ) بما لديه ) أي كله من الأمور التي هي أغرب المستغرب ) خبراً ) أي من جهة بواطن أموره فضلاً عن ظواهرها، فلا تستغرب إخبارنا عن ذلك ولا عن أمر أصحاب الكهف، ولا يظن أن تفضيل أمر الوح خفي عنا، لأنا مطلعون على خفايا الأمور وظواهرها، شواهدها وغوائبها، وكيف لا ونحن أوجدنا ولكنا لا نذكر من ذلك إلا ما نريد على ما تدعو إليه الحكمة، فلو شئنا لبسطنا هذه القصة وقصة أهل الكهف وفصلنا أمر الروح تفصيلاً يعجز عن حفظه الألباء ) ثم أتبع ( في إرادته ناحية السد مخرج يأجوج ومأجوج ) سبباً ( من جهة الشمال، واستمر أخذاً فيه ) حتى إذا بلغ ( في مسيره ذلك ) بين السدين ) أي الجبلين المانعين من وراءهما من الوصول منهما إلى من أمامهما وهما بمنقطع أرض الترك مما يلي بلاد أرمينية وآذربيجان، أملسان يزلق عليهما كل شيء ؛ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عم عاصم بفتح السين، والباقون بضمها، فقيل : هما بمعنى واحد، وقيل : المضموم من فعل الله، والمفتوح من فعل الناس.
) وجد من دونهما ) أي بقربهما من الجانب الذي هو أدنى منهما إلى الجهة التي أتى منها ذو القرنين ) قوماً ) أي أقوياء لغتهم في غاية البعد من لغات بقية الناس لبعد بلادهم من بقية البلاد، فهم لذلك ) لا يكادون يفقهون قولاً ) أي لا يقربون من أن يفهموه ممن ذي القرنين فهماً جيداً كما يفهم غيرهم، ودل وصفهم بما يأتي على أنهم يفهمزن فهماً ما بعد بُعد ومحاولة طويلة، لعدم ماهر بلسانهم ممن مع ذي القرنين، وعدم ماهر منهم بلسان أحد ممن معه، وهذا يدل على أن بينهم وبين


الصفحة التالية
Icon