صفحة رقم ٥٣٦
كبر سنه وعقم زوجه، أتبع ذلك قوله :( إبراهيم ( أعظم آبائكم الذي نهى أباه عن المشرك يا من يكفرون تقليداً للآباء ثم علل تشريفه بذكر له على سبيل التأكيد المعنوي بالاعتراض بين البدل والمبدل منه، واللفظي ب ( إن ) بقوله منبهاً على أن مخالفتهم له بالشرك والاستقسام بالأزلام ونحو ذلك تكذيب بأوصافه الحسنة :( إنه كان ) أي جبلة وطبعاً ) صديقاً ) أي بليغ الصدق في نفسه في أقواله وأفعاله، والتصديق بكل ما يأتيه مما هو أهل لأنه مجبول على ذلك ولا يكون كذلك إلا وهو عامل به حق العمل فهو أبلغ من المخلص ) نبياً ) أي يخبره الله بالأخبار العظيمة جداً التي يرتفع بها في الدارين وهو أعظم الأنبياء بعد محمد - على جميعهم أفضل الصلاة والسلام كما رواه الحافظ أبو البزار ببسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه وأكده وكذا أكد فيما بعده من الأنبياء عليهم السلام وإن كانوا مقرين بنبواتهم تنزيلاً لهم منزلة المنكر، لجريهم في إنكارهم نبوة البشر على غير مقتضى عليهم.
مريم :( ٤٢ - ٥٠ ) إذ قال لأبيه.....
) إِذْ قَالَ لأًّبِيهِ يأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً يأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً يأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً وَوَهَبْنَا لَهٍّمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً ( ( )
ولما تكفل ما تقدم من هذه السورة بنفي الشريك بقيد كونه ولداً، أتبع ذلك من قصته ما ينفي الشريك ليفتدي به أولاده في ذلك إذ كانوا يقلدون الآباء وليس في آبائهم مثله، فقال مبدلاً من ) إبراهيم ( ) إذ قال ) أي اذكر وقت قوله ) لأبيه ( هادياً له من تيه الضلال بعبادة الأصنام مستعطفاً له في كل جملة بقوله :( يا أبت (.
ولما كان العاقل لا يفعل فعلاً إلا لثمر، نبهه على عقم فعله بقوله :( لم تعبد ( مريداً بالاستفهام المجاملة، واللطف والرفق واللين والأدب الجميل في نصحه له كاشفاً الأمر غاية الكشف بقوله :( ما لا يسمع ولا يبصر ) أي ليس عنده قابلية لشيء من هذين الوصفين ليرى ما أنت فيه من خدمته أو يجيبك إذا ناديته حالاً أو مآلاً.
ولما كان


الصفحة التالية
Icon