صفحة رقم ٦٣
ذكر ما مضى بعدما تقدم من هذه القصة من التوراة : قال : فلما كان بعد سنتين رأى فرعون رؤيا كأنه واقف على شاطىء البحر، وكأن سبع بقرات صعدن من بحر النيل حسنات المنظر سمينات اللحوم، يرعين في المرج، وكأن سبع بقرات صعدن خلفهن من النيل قبيحات المنظر وحشيات مهزولات اللحوم، فوقفن إلى جانب البقرات السمان على شاطىء النهر، فابتلع البقرات القبيحات الحسنات المنظر السمينات، فهب فرعون من سنته، ورقد أيضاً فرأى ثاني مرة كأن سبع سنبلات طلعن في قصبة واحدة ممتلئة سماناً، وكأن سبع سنبلات مهزولات ضربهن ريح السموم - وفي نسخة : القبول - نبتن بعدهن، فبلغ السنبل المهزول السبع سنبلات الممتلئات، فاستيقظ فرعون فآذته رؤياه، فلما كان بالغداة كربت نفس فرعون، فأرسل فدعا جميع السحرة وكل حكماء مصر، فقص عليهم رؤياهن فلم يوجد إنسان يفسرها لفرعون.
فتكلم رئيس أصحاب الشراب بين يدي فرعون و قال : إني ذكرت يومي هذا ذنبي عند غضب فرعون على عبده، فقذفني في محبس صاحب الشرطة، فحبست أنا ورئيس الخبازين - وفي نسخة : الطباخين - فرأينا جميعاً رؤيا في ليلة واحدة، رأى كل أمرىء منا كتفسير رؤياه، وكان معنا هناك في الحبس فتى عبراني عند صاحب الشرطة فقصصنا عليه ففسر أحلامنا، وعبر لكل منا على قدر رؤياه، وكل الذي فسر لنا كذلك أصابنا، أما أنا فردني الملك إلى موضعي، وأما ذلم فأمر بصلبه.
فأرسل فرعون فدعا يوسف عليه الصلاة والسلام، فأحضروه من السجنن فحلق شعره وغير ثيابه، ودخل فوقف بين يدي فرعون، فقال فرعون ليوسف عليه الصلاة والسلام : إني رأيت رؤيا وليس لي من يفسرها، وقد بلغني عنك أنك تسمع الرؤيا فتفسرها بأحسن تأويل فأجاب يوسف عليه الصلاة والسلام فقال لفرعون : ألعلك تخال إني أجيب فرعون بسلام عن غير أمر الله تعالى.
فقال فرعون ليوسف : إني رأيت في الرؤيا كأني واقف على شاطىء النهر، وكأن سبع بقرات طلعن من النهر حسنات المنظر بعدهن سمجات قبيحات المنظر مهزولات اللحم جداً، لم أر على هزالها في جميع أرض مصر، فابتلعت البقرات المهزولات الضعيفات القبيحات أولئك السبع بقرات السمان، فدخلهن أجوافهن، فلم يتبين دخولهن، وكأن منظرهن قبيحاً كالذي كان من قبل، فانتبهت فاضطجعت فرأيت أيضاً في الرؤيا كأن سبع سنبلات حسنات في قصبة واحدة ممتلئة سماناً حساناً، وكأن سبع سنبلات مهزولات ضربهن ريح السموم نبتن خلفهن، فابتلع السنبل المهزول الضعيف السبع سنبلات الممتلئات الحسان، فقصصت ذلك على السحرة، فلم أجد من يبين.


الصفحة التالية
Icon