صفحة رقم ٧٠
أي بنيامين كائناً ) معكم ) أي في وقت من الأوقات ) حتى تؤتون ( من الإيتاء وهو الإعطاء، أي إيصال الشيء إلى الأخذ ) موثقاً ( وهو العقد المؤكد.
ولما كان مراده موثقاً ربانياً، وكان الموثق الرباني - وهو ما كان بأسمائه تعالى لكونه أذن سبحانه فيه وأمر بالوثوق به - كأنه منه، قال :( من الله ) أي الملك الاعظم بأيمان عظيمة : والله ) لتأتنَّني ( كلكم ) به ( من الإيتان، وهو المجيء في كل حال ) إلا ( في حال ) أي يحاط ) أي تحصل الإحاطة بمصيبة من المصائب، لا طاقة لكم بها ) بكم ( فتهلكوا من عند آخركم، كل ذلك زيادة في التوثيق، لما حصل له من المصيبة بيوسف عليه الصلاة والسلام وإن كان الاعتماد في حفظه إنما هو على الله، وهذا من باب ) اعقلها وتوكل ( فأجابوه إلى جميع ما سأل ) فلما آتوه ) أي أعطاه بنوه ) موثقهم قال الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال ) على ما نقول وكيل ( هو القادر على الوفاء به المرجو للتصرف فيه بالغبطة، لا أنتم.
يوسف :( ٦٧ - ٦٨ ) وقال يا بني.....
) وَقَالَ يبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( ( )
ولما سمح لهم بخروجه معهم، أتبع تعالى ذلك الخبر عن أمره لهم بالاحتياط من المصائب لأنهم أحد عشر رجلاً إخوة أهل جمال وبسطة، وكانوا قد شهروا عند المصريين بعض الشهرة، بسبب ما دار بينهم وبين يوسف عليه الصلاة والسلام من الكلام في المرة الأولى، فكانوا مظنة لأن ترمقهم الأبصار ويشار إليهم بالأصابع، فيصابوا بالعين، ولم يوصهم في المرة الأولى، لأنهم كانوا مجهولين، مع شغل الناس بما هم فيه من القحط، فقال حكاية عنه :( وقال ) أي يعقوب عليه الصلاة والسلام لبنيه


الصفحة التالية
Icon