صفحة رقم ٧٧
الإنكار ) إنكم لسارقون ) أي ثابت لكم ذلك لا محالة حقيقة بما فعلتم في حق يوسف عليه الصلاة والسلام، أو مجازاً بأنكم فاعلون فعل السارق - كما سيأتي بيانه آنفاً، مع أن هذا النداء ليس من قول يوسف عليه الصلاة والسلام، ويحتمل أن لا يكون بأمره حتى يحتاج إلى تصحيحه، بل يكون قائله فهم ذلك من قوله عليه السلام : صواعي مع الركب، أو كأنهم أخذوا صواعي فاذهب فآتني به أو بهم - ونحو ذلك مما هو حق في نفسه ؛ والعير : القافلة التي فيها الأحمال، والأصل فيها الحمير، ثم كثر حتى أطلق على كل قافلة تشبيهاً بها، وقد تضمنت الآية البيان عما يوجبه التلطف في بلوغ المراد من إيقاع الأسباب التي تؤدي إليه وتبعث عليه بظاهر جميل وباطن حق مما يخفى على كثير من الناس موقعه، ويشكل عليه وجهه، لأنه أنفذ له وأنجح للمطلوب منه، فكأنه قيل : إن هذه لتهمة عظيمة، فما قالوا في جوابها ؟ فقيل :( قالوا ( في جواب الذين لحقوهم ) و ( الحال أن آل إسرائيل ) أقبلوا ( ودل - على أن الذين لحقوهم كانوا جماعة المؤذن أحدهم، كما هو شأن ذوي الرئاسة إذا أرسلوا في مهم - بالجمع في قوله :( عليهم ) أي على جماعة الملك : المنادي وغيره ) ماذا تفقدون ( مما يمكننا أخذه ) قالوا نفقد ( وكأن السقاية كان لها اسمان، فعبروا هنا بقولهم :( صواع الملك ( والصواع : الجام يشرب فيه ) ولمن جاء به ) أي أظهره ورده من غير تفتيش ولا عناء ) حمل بعير ( وهو بالكسر : قدر من المتاع مهيأ لأن يحمل على الظهر، وأما الحمل في البطن فبالفتح ) وأنا به زعيم ) أي ضامن وكفيل أدويه إليه، وإفراد الضمير تارة وجمعه أخرى دليل على أن القاتل واحد، وأنه نسب إلى الكل لرضاهم به، وفي الآية البيان عما يوجبه حال بهت الإنسان للتثبيت في الأمر وترك الإسراع إلى ما لا يجوز من القول، فكأنه قيل : فما قال إخوة يوسف ؟ قيل :( قالوا ( قول البريء ) تالله ) أي الملك اوعظم فأقسموا قسماً مقروناً بالتاء، لأنها يكون فيها التعجب غالباً، قال الرماني : لأنها لما كانت نادرة في أدوات القسم جعلت للنادر من المعاني، والنادر من المعاني يتعجب منه، وقال : إنها بدل من الواو، والواو بدل من الباء، فهي بدل من بدل، فلذلك ضعفت عن التصريف في سائر الأسماء، ثم أكدوا براءتهم بقولهم :( لقد علمتم ) أي بما جربتم من أمانتنا قبل هذا في كرتي مجيئنا ) ما جئنا ( وأكدوا النفي باللام فقالوا :( لنفسد ) أي نوقع الفساد ) وفي الأرض و ( لقد علمتم ) ما كنا ) أي بوجه من الوجوه ) سارقين ) أي موصوفين بهذا الوصف قط، بما رأيتم من أحوالنا : من ردنا بضاعتنا التي وجدناها في رحالنا وغير ذلك مما عاينتم من شرف فعالنا مع علمنا بأنها خَلق لنا لا تصنّع يظهر لبعض الأذكياء بأدنى تأمل، فكأنه قيل : فما قال الذين من جهة العزيز ؟